للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

س. ح. سلمه الله وتولاه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: كتابكم الكريم المؤرخ في ٢٣/ ٣ / ١٣٨٦ هـ وصل وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من السؤال عما قاله بعض الخطباء في خطبة الجُمُعَة من الحث على الاتصاف بصفات الله والتخلق بأخلاقه: هل لها محمل؟ وهل سبق أن قالها أحد؟ … الخ. كان معلومًا.

والجواب: هذا التعبير غير لائق، ولكن له محمل صحيح؛ وهو الحث على التخلق بمقتضي صفات الله وأسمائه وموجبها، وذلك بالنظر إلى الصَّفات الَّتي يحسن من المخلوق أن يتصف بمقتضاها، بخلاف الصفات المختصة بالله؛ كالخلاق والرزاق والإله ونحو ذلك؛ فإنَّ هذا شيء لا يمكن أن يتصف به المخلوق، ولا يجوز أن يدَّعيه، وهكذا ما أشبه هذه الأسماء، وإنَّما المقصود: الصَّفات الَّتي يحب الله من عباده أن يتصفوا بمقتضاها؛ كالعلم والقوة والرحمة والحلم والكرم والجود والعفو … وأشباه ذلك، فهو سبحانه عليم يحب العلماء، قوي يحب المؤمن القوي أكثر من حبه للمؤمن الضعيف، كريم يحب الكرماء، رحيم يحب الرحماء، عفو تحب العفو .. الخ، لكن الَّذي لله سبحانه من هذه الصَّفات وغيرها أكمل وأعظم من الَّذي للمخلوق، بل لا مقاربة بينهما؛ لأنَّه سبحانه ليس كمثله شيء في صفاته وأفعاله، كما أنَّه لا مثل له في ذاته، وإنَّما حسب المخلوق أن يكون له نصيب من معاني هذه الصفات يليق به ويناسبه على الحدّ الشرعي، فلو تجاوز في الكرم الحدّ صار مسرفًا، ولو تجاوز في الرحمة الحدّ عطل الحدود والتعزيرات

<<  <   >  >>