ولذلك فإن الصحوة الإسلامية التي نعيشها الآن، والتي تتآمر القوى الثلاث على إجهاضها أو تدميرها إنما نشأت نشأة طبيعية من خلال مفهوم أصيل لليقظة والأصالة والعودة إلى المنابع، وقد مضت خلال عقود مختلفة حتى دخلت اليوم مرحلة "الرشد الفكري"، لقد صدرت الصحوة الإسلامية من "المنابع" الأولى وليس من أي مصدر آخر، وإن هذه المحاولة ترمي إلى صرفها وتحويلها وأحتوائها. لقد كان الإسلام قادرًا دائمًا على التجدد من الداخل، وعلى انبعاث النهضة من أعماقه حين تقع كل الأمة في أزمة التخلف.
ومن الحق أن نؤمن أن كل نهضة غير متصلة بالمصادر الأولى فهي نهضة زائفة ويمكن أن تضل طريقها، وهذا ما يحاولة التغريب مع الفكر الإسلامي حين يحاول حجب الأدب والثقافة المعاصرة عن جذورها وأصولها الإسلامية تحت اسمٍ عازلٍ مثل: الفكر العربي، أو الثقافة العربية، والحضارة العربية، بديلًا عن الفكر الإسلامي، والثقافة الإسلامية، والحضارة الإسلامية، وهذه -ولا شك- أخطر التحديات، فلنحدد هذه النغمة الضالة المضلة، وعلينا أن نظل مرتبطين بأولياتنا الإسلامية وأصولنا التاريخية.
ومن أشد المحاذير خطرًا: الفصل بين القيم، أو الفصل بين الفكر والتطبيق؛ فالإسلام منظومة جامعة للأدب والعلم والسياسة والاقتصاد والاجتماع، وإن من أخطر ما واجه الغرب فكرة "ديكارت" التي تفصل بين الفكر والتطبيق، ومفهوم الإسلام هو النظرة الجامعة بين الكون والحياة، والمجتمع والإنسان، وقيام المسؤولية الفردية، والنظام الأخلاقي، والجزاء