للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أكل ثومًا أو بصلًا فليعْتزلنا" (١). وقوله: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا؛ فإنه لا يدري أين باتت يده" (٢) وأشباه هذه النصوص، فيقول: روح الإسلام: النظافة.

وهذا الذي استخلصه المجتهد، وانطبع عنده، ويسمى روح الإسلام، لا بد أن يكون قابلًا للبرهنة عليه بأحد أدلة الشرع، وأن يكون متفقًا ونصوص الشريعة، وإلا كان اجتهادًا خاطئًا، وقولًا بالهوى، وتشريعًا بالرأي الصرف غير المستند إلى الشريعة، يجب على المجتهد الرجوع عنه إذا كان يناقض الشريعة.

وهذا الذي يفهمه المجتهد من مجموع النصوص شبيه بدلالة النص على معني تابع غير معناه الذي سبق له النص، يأخذ منه المجتهد حكمًا فقهيًا، مع الحكم الأصلي الذي سبق النص من أجله. وذلك مثل قول الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (٣) فالمراد الأصلي من الآية هو: إيجاب السعي إلى صلاة الجمعة عند النداء لها، ولكن المجتهد يأخذ من هذا النص الموجب للسعي حكما آخر هو: بطلان عقد البيع وفساده؛ لأنه يرى أن الدلالة على فساده لزمته من النهي عن ترك السعي، والأمر بالسعي إلى المسجد، وذلك من غير إبطال للحكم الأصلي الذي سيقت له الآية.


(١) متفق عليه: رواه البخاري برقم (٨٥٥)، ومسلم برقم (٥٦٤).
(٢) متفق عليه: رواه البخاري بنحوه، رقم (١٦٢)، ومسلم بلفظه، رقم (٢٧٨).
(٣) سورة الجمعة، الآية (٩).

<<  <   >  >>