للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعملية: روح الإسلام هذه أشبه بعملية الفرض في العلوم الطبيعية، وهو عبارة عن رأي ظني لتفسير الظاهرة؛ إذ يقوم العالم باستخلاص هذا الفرض من المعلومات الجزئية التي جمعها في موضوع البحث، ثم يبتدئ من هذا الفرض، لينتهي إلى نتائج تكون أحكامًا علمية في موضوع بحثه، فإذا ما تبين العالم خطأ الفرض الذي وضعه واستخلصه من الجزئيات افترض فرضًا آخر، حتى ينتهي إلى الصحيح الذي تؤيده التجارب.

ومن عملية روح الإسلام انتهى العلماء إلى وضع مبادئ كلية قالوا: إنها مقصود الإسلام، سمّوها مصالح، وهذه المصالح من حيث درجة الإلزام بها ليست على مكان سُوي، بل منها ما هو ضروري: تفوت الحياة بفوته، ومنها ما هو أقل من ذلك: لا تفوت به الحياة، بل تضطرب لفوته، ومنها ما هو للحياة زينة وجمال وكمال. وذلك مبحث معروف في علم أصول الفقه قديمًا.

ولا يزال من حق المجتهد المستوفي شروط الاجتهاد أن يستخلص من نصوص الإسلام ما يكوّن قواعد عامة، وكليات جامعة، ومبادئ للحكم والسلوك.

ولسوف يظل للمجتهدين المستحقين لصفة الاجتهاد هذا الحق الذي يفرضه الإسلام فرضًا؛ وذلك مثل مبادئ: الحرية، الكرامة، حق تقرير المصير .. إلى آخر هذه الكلمات المستحدثة في أفكار البشر، من كل ما يكون حقا في ذاته، وصحيحًا في العقل السليم، والتجارب المنتجة.

ومن خطل الرأي وخطئه أن يقول قائل: لماذا لم يقل بالحرية والكرامة … المسلمون من قبل. أو يقال: إنكم لم تقولوا بهذا إلا بعد أن اطلعتم على

<<  <   >  >>