للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه، وكذلك جاء في السُّنَّة المطهرة الكثير من الأحاديث الَّتي تثبت خطر الكلام وأثره في دين العبد ثوابًا أو عقابًا؛ فمن ذلك ما أخرجه التِّرْمِذِيّ وابن ماجه وأحمد من حديث معاذ بن جبل أنَّه قال: يا رسول الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب النَّاس في النار على وجوههم -أو على مناخرهم- يوم القيامة إلَّا حصائد ألسنتهم؟ ".

وأخرج التِّرْمِذِيّ وابن ماجه والحاكم في مستدركه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها سبعين خريفًا في النار" (١).

وأخرج التِّرْمِذِيّ وابن ماجه وابن حِبَّان عن بلال بن الحارث المزني أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه" (٢).

من هذه النُّصوص وغيرها يتبين أن الكلمة في دين الله عظيمة الشأن من حيث الربح أو الخسارة؛ ولله در صاحب الداء والدواء -ابن القيِّم- عندما قال في ذلك الكتاب: "وأمَّا اللفظات فحفظها بألا يخرج لفظة ضائعة، بألا يتكلم إلَّا فيما يرجو فيه الربح والزيادة في دينه، فإذا أراد أن يتكلم بالكلمة نظر: هل ربح فائدة أم لا؟ فإن لم يكن فيها ربح أمسك عنها، وإن كان فيها ربح نظر: هل تفوت بها كلمة هي أربح منها فلا يضيعها بهذه؟ " إلى أن


(١) صححه الألباني في الصحيحة برقم (٥٤٠)، وفي صحيح الجامع برقم (١٦١٨).
(٢) صححه الألباني في الصحيحة برقم (١٨٨)، وفي صحيح الجامع برقم (١٦١٩).

<<  <   >  >>