الاجتهاد وتتفاوت الأحكام الاجتهادية، وقد ثبت أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر اجتهاد من صلَّى العصر في الطريق إلى بني قُرَيْظَة من الصَّحابة رضي الله عنهم في وقتها، ومن صلاها في بني قُرَيْظَة بعد وصولهم وبعد فوات وقتها، حين أمر أَلَّا يصلينّ أحد العصر إلَّا في بني قُرَيْظَة، فالاختلاف موجود وهذه سُنَّةٌ من سنن الله تعالى، غير أن هناك فرقًا بين اختلاف في استنباط حكم مع إيمان ثابت بالإسلام كاملًا كما أراده الله وبلغه نبيه -صلى الله عليه وسلم- وبلغنا إياه صحابته رضي الله عنهم، وبين اختلاف ينسف أصول الإسلام وأسسه، وقد استغل أعداء الدعوة هذا الأمر ووسعوه حتَّى جعلوا الاختلاف في أساس العقيدة وفي أركان الإسلام وأركان الإِيمان من الاختلاف السائغ! ولبَّسوا على النَّاس، ولكن الله سينقض ما دبروا؛ قال الله تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}(١). وأمَّا من انتسب إلى الدعوة إلى الله وهو من أهل الباطل فمعلوم، ولسنا هنا في حاجة إلى التفصيل؛ فالباطنية والفرق الهدامة الَّتي تنتسب للإسلام كذبًا وزورًا لأنها قد خالفت كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وما كان عليه الصَّحابة رضي الله عنهم وجماعة المسلمين، فهذه فرق ضالة، ولكن أعداء الدعوة إلى الله يعتبرونها تيارات إسلامية، ومن ثمَّ يحاولون أن يقنعوا النَّاس أن هنالك (إسلامات) أو أنواع متعددة من الإسلام، وليس إسلامًا واحدًا.