للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صخرة مربوطة من الجوع، فمسحت أمه التراب عن وجهه وقالت: هنيئًا لك يا بني الجَنَّة، فقال النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-: "وما يدريك؟ لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه، ويمنع ما لا يضره".

لهذا كان الصمت أحيانًا أضمن طريق للنجاة من ورطات اللسان؛ حيث يمتنع الإنسان عن التكلم إلَّا فيما يعلم حقًا أنَّه خير، وهذه وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الَّتي أخرجها الشَّيخان في صحيحيهما؛ فقد قال -عليه الصَّلاة والسلام-: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت" (١).

لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتخوف علينا من ألسنتنا، ويأمرنا بالاستقامة الَّتي يدخل فيها استقامة اللسان؛ فقد طلب سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلبًا عزيزًا: قال له: يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا بعدك. قال: "قل: آمنت بالله، ثمَّ استقم" (٢)، فقال: يا رسول الله! ما أخوف ما تخاف عليّ؟ فأخذ بلسان نفسه، ثمَّ قال: "هذا" (٣).

فاحذر أخي -رحمني الله وإياك- أن تخرج من فمك الألفاظ الضائعة الَّتي لا تعي معناها؛ فقد تكون من كلام الشر والسوء الَّذي يضرك في دنياك وآخرتك؛ فالله -تعالى- يقول: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ


(١) متفق عليه: رواه البُخَاري برقم (٦٤٧٥)، ومسلم برقم (٤٧).
(٢) رواه مسلم بنحوه رقم (٣٨).
(٣) أخرجه النّسَائي والتِّرْمِذِيّ وقال التِّرْمِذِيّ: حسن صحيح، وأخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٤٣٩٥).

<<  <   >  >>