للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العباد بين الجبرية والقدرية وغيرهم، وفي باب الوعد والوعيد بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم، وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج" (١).

بيد أن مفهوم الوسطية في الإسلام قد تعرض كما تعرض غيره من المفاهيم إلى قدر غير يسير من الخلط والتشويه؛ إن بحسن نية وإن بسوء نية.

فتحت دعوى وسطية الإسلام تميعت كثير من القضايا الإسلامية واختلط فيها الحق بالباطل، وضل عن معرفة الحق الكثيرون.

فنحن نجد بين الإسلاميين مثلًا من ينادي بالديمقراطية نظامًا للحكم، ثم لا يخجل من أن ينسب ذلك إلى الإسلام، بل يعتبر ذلك من وسطية الإسلام، وأنه لا يخالفه في ذلك إلا من شذ عن مجمل الخطاب الإسلامي العام، ونجد بعض أهل العلم المعاصرين يفتي بأن الإسلام لا يحرم النهج الديمقراطي، بل يقول إنه إن وصل الإسلاميون إلى الحكم ثم اختار الشعب غيرهم من انتخابات تالية فعليهم أن يتنازلوا طواعية عن الحكم لمن يحكم الناس بالعلمانية أو الشيوعية أو غيرها من المذاهب الأرضية!

ويوم أن أعلن أن تركيا قد سحبت أعترافها بجامعة الأزهر، لم يجد رئيس جامعة الأزهر دفاعًا عن جامعته إلا أن يقول إنها تمثل الوسطية وتنبذ التطرف، هذا مع أن الحكومة التركية لم تقدم على قرارها المذكور خوفًا مما


(١) العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، بشرح خليل هراس ص: ١٢٤ - ١٣٢.

<<  <   >  >>