للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: إنه لم يضحك منذ عشرين سنة

وقال على بن المدينى: بت عند إسماعيل بن علية ليلة. وكان يقرأ ثلث القرآن.

وما رأيته ضحك قط. وكان عبد الله بن المبارك يتجر فى البزّ، ويقول: لولا خمسة ما تجرت: سفيان الثورى، وسفيان بن عيينة، والفضيل بن عياض، ومحمد بن السماك، وابن علية. وكان يخرج يتجر إلى خراسان، فكلما ربح من شئ أخذ القوت للعيال ونفقة الحج. والباقى يصل به إخوانه الخمسة. فقدم سنة، فقيل له:

قد ولى ابن علية القضاء. فلم يأته. ولم يصله بالصرة التى كان يصله بها فى كل سنة. فبلغ ابن علية أن ابن المبارك قد قدم، فركب إليه وتنكس على رأسه. فلم يرفع به عبد الله بن المبارك رأسا. ولم يكلمه، فانصرف. فلما كان من غد: كتب إليه رقعة: بسم الله الرحمن الرحيم. أسعدك الله بطاعته. وتولاك بحفظه. وحاطك بحياطته. قد كنت منتظرا لبركة صلتك، أتبرك بها، وجئتك أمس فلم تكلمنى.

ورأيتك واجدا علىّ، فأى شئ رأيت منى، حتى أعتذر إليك منه؟

فلما وردت الرقعة على عبد الله بن المبارك دعا بالدواة والقرطاس، وقال:

يأبى هذا الرجل إلا أن نقشر له العصا، ثم كتب اليه:

يا جاعل الدين له بازيا … يصطاد أموال المساكين

احتلت للدنيا ولذاتها … بحيلة تذهب بالدين

فصرت مجنونا بها بعد ما … كنت دواء للمجانين

أين رواياتك فى سردها … عن ابن عون وابن سيرين؟

أين رواياتك فى سردها … لترك أبواب السلاطين؟

إن قلت: أكرهت، فذا باطل … زلّ حمار العلم فى الطين

فلما وقف ابن علية على هذه الأبيات قام من مجلس القضاء. فوطئ بساط هارون، وقال: يا أمير المؤمنين، الله الله، ارحم شيبتى. فانى لا أصبر للخطإ.