السابعة: أن كلام أحمد فى أهل البدع مسموع. وإليه فيهم الرجوع.
فمن ظهر فى قوله نكيره، ولما يعتقده تغييره: فقد ثبت تكفيره. مثل ما قال فى اللفظية والمرجئة والرافضة والقدرية والجهمية، وإن كان قد سبق النطق بضلالهم لكن له القدم العالى فى شرح فساد مذاهبهم، وبيان قبيح مثالهم، والتحذير من ضلالهم.
الثامنة: ما أظهره الله تعالى له فى حياته من المراتب، ونشر له بعد مماته من المناقب، ورفع له بذلك العلم بين سائر الأمم. فتنافس حين موته فى الصلاة عليه العلماء والكبراء، والأغنياء والفقراء، والصلحاء والأولياء. لأنه توفى فى شهر ربيع الآخر من سنة إحدى وأربعين ومائتين. وله سبع وسبعون سنة.
فقال المتوكل على الله لمحمد بن عبد الله بن طاهر: طوبى لك، صليت على أحمد ابن حنبل.
وروى الأئمة الثقات، والحفاظ الأثبات: أن عبد الوهاب الوراق قال:
ما بلغنا أنه كان للمسلمين جمع أكبر منهم على جنازة أحمد بن حنبل، إلا جنازة فى بنى اسرائيل. وروى أحمد بن ثابت الخطيب البغدادى وغيره بإسناده قال: قال الوركانى: أسلم يوم مات أحمد بن حنبل: عشرون الفا من اليهود والنصارى والمجوس (١). وقال الوركانى: يوم مات أحمد بن حنبل وقع المأتم والنوح فى أربعة أصناف من الناس: المسلمين، واليهود، والنصارى، والمجوس.
(١) قال الذهبى: وهى حكاية منكرة. تفرد بها الوركانى والراوى عنه. قال: والعقل يحيل أن يقع مثل هذا الحادث فى بغداد ولا يرويه جماعة تتوفر دواعيهم على نقل ما هو دونه بكثير. وكيف يقع مثل هذا الأمر؟ ولا يذكره المرودى ولا صالح بن أحمد، ولا عبد الله ولا حنبل، الذين حكوا من أخبار أبى عبد الله جزئيات كثيرة. قال: فو الله لو أسلم يوم موته عشرة أنفس لكان عظيما، ينبغى أن يرويه نحو من عشرة أنفس.