الثالثة: أنه ما أحبه أحد - إما محب صادق، وإما عدو منافق - إلا وانتفت عنه الظنون، وأضيفت إليه السنن. ولا انزوى عنه رفضا، وأظهر له عنادا وبغضا إلا واتفقت الألسن على ضلالته، وسفه فى عقله وجهالته، وقد قدمنا قول الشافعى «من أبغض أحمد بن حنبل فقد كفر».
وقال قتيبة بن سعيد: أحمد بن حنبل إمامنا، من لم يرض به فهو مبتدع.
الرابعة: ما ألقى الله ﷿ له فى قلوب الخلق من هيبة أصحابه ومحبيه، وأهل مذهبه ومخالصيه. فلهم التعظيم والإكبار، والمعروف والانكار، والمصالح والأعمال. والمقال والفعال. بسطتهم سامية، وسطوتهم عالية. فالموافق التقى يكرمهم ديانة ورياسة. والمنافق الشقى يعظمهم رعاية وسياسة. ولما ذكر لأمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله ﵀ بعد موت إمامنا أحمد - غفر الله لنا وله - أن أصحاب إمامنا يأتون على أهل البدع حتى يكون بينهما الشرّ. فقال لصاحب الخبر: لا ترفع إلىّ من خبرهم شيئا وشدّ على أيديهم. فانهم وصاحبهم من سادات أمة محمد ﷺ.
وقد عرف الله تعالى لأحمد صبره وبلاءه، ورفع علمه أيام حياته وبعد موته أصحابه أجلّ الأصحاب. وأنا أظن أن الله يعطى أحمد ثواب الصّديقين.
الخامسة: ما أحد من أصحابه المتمسكين بمعتقده قديما وحديثا تابع ومتبوع إلا وهو من الطعن سليم، ومن الوهن مستقيم. لا يضاف إليه ما يضاف إلى مخالف ومجانف من وسم ببدعة، أو رسم بشنعة أو تحريف مقال، أو تقبيح فعال.
السادسة: اتفاق القول الأخير والقديم: أن له الاحتياط فى التحليل والتحريم، يعتمد فى فقهه على العزائم، كما لم تأخده فى أصوله المقربة إلى الله ﷿ لومة لائم. يعتمد على كتاب ناطق، أو خبر موافق، أو قول صحابى جليل صادق. ويقدم ذلك على الرأى والقياس.