وكان عبد الله رجلا صالحا صادق اللهجة. كثير الحياء.
سمعت أبا بكر المروذى يقول: لما حلف أبو عبد الله: أن لا يحدث، التفت إلى عبد الله ابنه فقال: وإن كان هذا يحب من الحديث ما يحب.
وسمعت حربا الكرمانى يقول: خرج أبو عبد الله ليقرأ علىّ - قال: أحسبه قال: كتاب الأشربة - قال: فجاء عبد الله ابنه، فقال: أليس وعدتنى أن تقرأ على؟ - وهو إذ ذاك غلام - قال: فجعل أبو عبد الله يصبره، قال: فبكى عبد الله. قال فقال لى أبو عبد الله: اصبر لى حتى أدخل أقرأ عليه، قال: فدخل أبو عبد الله فقرأ عليه وخرج. فلما قدمت من كرمان سألنى عبد الله عن حرب، وعما عنده من المسائل والأحكام والعلل؟ وجعل يسألنى عما جمعت من مسائل أبى عبد الله؟ فقال لى: أنت أحوج إلى ديوان - يعنى لكثرتها.
فوقع لعبد الله عن أبيه مسائل جياد كثيرة، يغرب منها بأشياء كثيرة فى الأحكام. فأما العلل: فقد جود عنه، وجاء عنه بما لم يجئ به غيره.
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبى: متى يجوز سماع الصبى فى الحديث؟ قال: إذا عقل وضبط.
وسمعت أبى، وسئل عن القراءة بالألحان؟ فقال: محدث.
وقرأت فى كتاب أبى الحسين بن المنادى - وذكر عبد الله وصالح - فقال:
كان صالح قليل الكتاب عن أبيه. فأما عبد الله: فلم يكن فى الدنيا أحد روى عن أبيه أكثر منه. لأنه سمع المسند، وهو ثلاثون ألفا، والتفسير، وهو مائة ألف وعشرون ألفا. سمع منها ثمانين ألفا، والباقى، وجادة. وسمع الناسخ والمنسوخ والتاريخ، وحديث شعبة، والمقدم والمؤخر فى كتاب الله، وجوابات القرآن، والمناسك الكبير والصغير، وغير ذلك من التصانيف، وحديث الشيوخ.
وما زلنا نرى الأكابر من شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث، والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب الحديث. ويذكرون عن أسلافهم