للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فى الصلاة لم يسمع حسّا من صوت ولا غيره، تشاغلا بالصلاة وخوفا من الله ﷿ وجاء عن عامر العنبرى - الذى كان يقال له عامر بن عبد قيس (١) - فى حديث هذا بعضه - أنه قال: «لأن تختلف الخناجر بين كتفىّ أحب إلى من أن أتفكر فى شئ من أمر الدنيا وأنا فى الصلاة» وجاء عن سعيد بن معاذ أنه قال:

ما صليت صلاة قط. فحدثت نفسى فيها بشئ من أمر الدنيا حتى أنصرف. وجاء عن أبى الدرداء أنه قال فى حديث - هذا بعضه -: «وتعفير وجهى لربى ﷿ فى التراب: فإنه مبلغ العبادة من الله تعالى»

فلا يتقيّن أحدكم التراب، ولا يكرهن السجود عليه؛ فلا بد لأحدكم منه.

ولا يتقى أحدكم المبالغة، فإنه إنما يطلب بذلك فكاك رقبته وخلاصها من النار التى لا تقوم لها الجبال الصم الشوامخ البواذخ، التى جعلت للأرض أوتادا، ولا تقوم لها السموات السبع الطباق الشداد، التى جعلت سقفا محفوظا. ولا تقوم لها الأرض التى جعلت للخلق دارا. ولا تقوم لها البحار السبع، التى لا يدرك قعرها، ولا يعرف قدرها: إلا الذى خلقها؛ فكيف بأبداننا الضعيفة، وعظامنا الدقيقة، وجلودنا الرقيقة؟ نستجير بالله من النار. نستجير بالله من النار، نستجير بالله من النار.

فان استطاع أحدكم - رحمكم الله - إذا قام فى صلاته: أن يكون كأنه ينظر إلى الله ﷿؛ فانه إن لم يكن يراه فان الله يراه. فقد جاء فى الحديث عن النبى أنه «أوصى رجلا، فقال له فى وصيته: اتق الله كأنك تراه.

فإن لم تكن تراه فهو يراك (٢)» فهذه وصية النبى للعبد فى


(١) ذكره ابن الأثير فى أسد الغابة. وقال: ذكره أبو موسى فى الصحابة. وهو تابعى. قيل: أدرك الجاهلية. وكان أعبد أهل زمانه وأشدهم اجتهادا. وسعى به إلى عثمان بن عفان: أنه لا يأكل اللحم ولا ينكح النساء. وأنه يطعن على الأئمة ولا يشهد الجمعة. فأمره أن يسير إلى الشام - ثم ذكر قصة فيها تبرئته من ذلك.
(٢) جاء هذا فى سؤال جبريل للنبى عن الإسلام والإيمان والإحسان. وهذا معنى الإحسان. وقد رواه الشيخان من حديث ابن عمر وغيره