للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جميع حالاته. فكيف بالعبد فى صلاته، إذا قام بين يدى الله ﷿ فى موضع خاص، ومقام خاص، يريد الله ويستقبله بوجهه، ليس موضعه ومقامه وحاله فى صلاته كغير ذلك من حالاته؟

جاء الحديث «إن العبد إذ افتتح الصلاة استقبله الله ﷿ بوجهه. فلا يصرفه عنه، حتى يكون هو الذى ينصرف، أو يلتفت يمينا وشمالا (١)» وجاء الحديث قال «إن العبد ما دام فى صلاته فله ثلاث خصال: البرّ يتناثر عليه من عنان السماء إلى مفرق رأسه، وملائكة يحفّون به من لدن قدميه إلى عنان السماء، ومناد ينادى: لو يعلم العبد من يناجى: ما انفتل (٢)»

فرحم الله من أقبل على صلاته خاشعا خاضعا، ذليلا لله ﷿، خائفا داعيا راغبا، وجلا مشفقا راجيا. وجعل أكبر همّه فى صلاته لربه تعالى، ومناجاته إياه، وانتصابه قائما وقاعدا، وراكعا وساجدا، وفرّغ لذلك قلبه وثمرة فؤاده. واجتهد فى أداء فرائضه. فإنه لا يدرى: هل يصلى صلاة بعد التى هو فيها، أو يعاجل قبل ذلك؟. فقام بين يدى ربه ﷿ محزونا مشفقا، يرجو قبولها، ويخاف ردها. فإن قبلها سعد. وإن ردها شقى.

فما أعظم خطرك يا أخى فى هذه الصلاة، وفى غيرها من عملك، وما أولاك بالهم والحزن، والخوف والوجل فيها، وفيما سواها مما افترض الله عليك. إنك لا تدرى: هل يقبل منك صلاة قط، أم لا؟ ولا تدرى: هل يقبل منك حسنة قط، أم لا؟ وهل غفر لك سيئة قط، أم لا؟ ثم أنت - مع هذا - تضحك وتغفل، وينفعك العيش. وقد جاءك اليقين: أنك وارد النار. ولم يأتك اليقين أنك صادر عنها. فمن أحقّ بطول البكاء وطول الحزن منك، حتى يتقبل الله


(١) أخرجه احمد فى المسند وأبو داود والنسائى من حديث أبى ذر
(٢) ذكره محمد بن نصر المروزى فى كتاب الصلاة من حديث الحسن البصرى، مرسلا