للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منك؟ ثم - مع هذا - لا تدرى، لعلك لا تصبح إذا أمسيت، ولا تمسى إذا أصبحت، فمبشّر بالجنة، أو مبشّر بالنار. وإنما ذكّرتك يا أخى لهذا الخطر العظيم إنك لمحقوق أن لا تفرح بأهل ولا مال ولا ولد، وإن العجب كل العجب من طول غفلتك، وطول سهوك ولهوك عن هذا الأمر العظيم، وأنت تساق سوقا عنيفا فى كل يوم وليلة، وفى كل ساعة وطرفة عين. فتوقّع يا أخى أجلك. ولا تغفل عن الخطر العظيم الذى قد أظلّك. فإنك لا بد ذائق الموت ولاقيه، ولعله ينزل بساحتك فى صباحك أو مسائك، أشد ما تكون عليها إقبالا، وكأنك قد أخرجت من ملكك كله، فإما إلى الجنة وإما إلى النار. انقطعت الصفات، وقصرت الحكايات عن بلوغ صفتهما ومعرفة قدرهما. والإحاطة بغاية خبرهما.

أما سمعت يا أخى قول العبد الصالح: عجبت للنار كيف نام هاربها؟ وعجبت للجنة كيف نام طالبها؟ فو الله لئن كنت خارجا من الطلب والهرب، لقد هلكت وعظم شقاؤك، وطال حزنك وبكاؤك غدا، مع الأشقياء المعذبين. وإن كنت تزعم أنك هارب طالب، فاغد فى ذلك على قدر ما أنت عليه من عظم الخطر.

ولا تغرنك الأمانى.

واعلموا - رحمكم الله - أن الإسلام فى إدبار وانتقاص، واضمحلال ودروس، جاء فى الحديث «ترذلون فى كل يوم. وقد يسرع بخياركم» وجاء الحديث عن النبى أنه قال «بدأ الإسلام غريبا. وسيعود غريبا كما بدأ (١)» وجاء عنه أنه قال «خير أمتى: القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. والآخر شر إلى يوم القيامة (٢)» وجاء عنه أنه قال لأصحابه «أنتم خير من أبنائكم، وأبناؤكم خير من


(١) أخرجه مسلم والترمذى عن عمرو بن عوف
(٢) متفق على معناه من حديث عمران بن حصين