للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن رأيتم اليوم من يصلى تطوعا، ولا يقيم صلبه بين الركوع والسجود: فقد وجب عليكم أمره ونهيه ونصيحته، فإن لم تفعلوا كنتم شركاءه فى الإساءة والوزر والإثم والتضييع.

واعلموا أن مما جهل الناس: أن أحدهم يصلى متطوعا، ولا يتم الركوع ولا السجود، ولا يقيم صلبه. لأنه تطوع، فيظن أن ذلك يجزيه، وليس يجزيه ذلك عن التطوع. لأنه من دخل فى التطوع فقد صار واجبا عليه لازما له. يجب عليه إتمامه وإحكامه، كما أن الرجل لو أحرم بحجة تطوعا: وجب عليه قضاؤها، وإن أصاب فيها صيدا: وجبت عليه الكفارة، وكما أن الرجل لو صام يوما تطوعا، ثم أفطر عند العصر: وجب عليه قضاء هذا اليوم، وكما أن الرجل لو تصدق بدرهم على فقير، ثم أخذه منه: وجب عليه رد ذلك الدرهم على الفقير. فكل تطوع دخل فيه لزمه، ووجب عليه أداؤه تامّا محكما، لأنه حين دخل فيه فقد أوجبه على نفسه، ولو لم يدخل فيه لم يكن عليه شئ. فإذا رأيتم من يصلى تطوعا أو فريضة فآمروه بتمام ذلك وإحكامه، إن لا تفعلوه تكونوا آثمين. عصمنا الله وإياكم.

وقد قال بعض أهل الجهل: ليس على من سبق الإمام ساهيا شئ، تأويلا منهم للحديث الذى جاء «ليس على من خلف الإمام سهو» وقد جاء الحديث بذلك، ولكنهم أخطئوا معناه وتأويله. إنما معناه: من قام ساهيا فيما ينبغى له أن يجلس فيه أو جلس ساهيا فيما ينبغى له أن يقوم فيه، أو سها فلم يدر: كم صلّى؟ ثلاثا، أو أربعا، أو ترك بعض التكبيرات ساهيا. فليس عليه سهو، وليس ذلك فيمن سبق الإمام. لم يجئ عن النبى ولا عن المهاجرين والأنصار بيان لمن سبق الإمام ساهيا أو غير ساه، وقول النبى : «أما يخاف الذى يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار» لم يقل: إلا أن يكون ساهيا، ولم يأمره بسجدتى السهو. وقول ابن مسعود «لا وحدك صليت ولا بإمامك اقتديت» لم يقل إلا: أن تكون ساهيا،