للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولم يأمره بسجدتى السهو، وقول ابن عمر «لا صليت وحدك، ولا صليت مع الإمام» لم يقل إلا: أن تكون ساهيا، ولم يأمره بسجدتى السهو، ولكن ضربه وأمره بالإعادة. وقول سلمان «الذى يرفع رأسه قبل الإمام ويخفض قبله:

ناصيته بيد الشيطان، يخفضه ويرفعه» ولم يقل: إلا أن يكون ساهيا. ولم يأمره بسجدتى السهو.

وقد سها النبى صلّى الله عليه وسلم. وسها عمر. وسها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فمنهم من سها وترك القراءة فى الركعتين الأوليين؛ ثم قرأ فى الأخريين، ومنهم من سها. فقام فيما ينبغى له أن يجلس فيه. وجلس فيما ينبغى أن يقوم فيه، ففى هذا كله وفيما أشبهه: سجدتا السهو. بذلك جاءت الأحاديث عن النبى صلّى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضى الله عنهم، وذلك هو السنة. فأما سبق الإمام: فإنما جاء عنهم «أنه لا صلاة له» على ما فسرت لك من قولهم «من سبق الإمام فلا صلاة له» ساهيا كان أو غير ساه. وليس للسهو ههنا موضع يعذر فيه صاحبه. وكيف يجوز السهو ههنا؟ وهو إذا رأى الإمام قد هوى من قيامه بادره فسجد قبله، أو ينظر إلى الإمام ساجدا بعد، وهو قد رفع رأسه، أو ينظر إليه يريد أن يسجد فيبادر السجود قبله؛ أو ساعة يفرغ الإمام من القراءة:

يبادر فيركع قبله من قبل أن يكبر الامام فيركع. وإنما ينبغى فى هذا كله: أن ينتظر حتى يركع، أو يسجد، أو يرفع، أو يخفض، وينقطع تكبيره فى ذلك كله، ثم يتبعه بعد فعل الإمام، وبعد انقطاع تكبيره. ليس للسهو ههنا موضع يعذر به صاحبه، ولم يعذره النبى صلّى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضى الله عنهم، ولا أمروه بسجدتى السهو، ولكن أمروه بالاعادة، وخوفه النبى صلّى الله عليه وسلم «أن يحول الله رأسه رأس حمار» وإنما ذلك لاستخفافه بالصلاة واستهانته بها، وصغر خطرها فى قلبه.

فليحذر جاهل أن يعذر نفسه فيما لا عذر له فيه، فيحمل وزر نفسه ووزر من يفتنه بحجة مدحوضة، لم يحتج بها أحد من الأبرار.