منها قال: ذاكرت أحمد بن حنبل يوما بعض إخواننا وتغيره علينا. فأنشأ أبو عبد الله يقول:
وليس خليلي بالملول، ولا الذي … إذا غبت عنه باعنى بخليل
ولكن خليلي: من يدوم وصاله … ويحفظ سرى عند كل دخيل
روى عن يحيى بن أكثم: محمد بن إسماعيل البخارى، وأبو حاتم الرازى وإسماعيل بن إسحاق القاضى، وأخوه حماد بن اسحاق. وغيرهم. وكان عالما بالفقه، بصيرا بالأحكام. وولاه المأمون قضاء القضاة ببغداد. وقال على بن المدينى: خرج سفيان بن عيينة إلى أصحاب الحديث، وهو ضجر. فقال: أليس من الشقاء أن أكون جالست ضمرة بن سعيد، وجالس أبا سعيد الخدرى، وجالست عمرو ابن دينار، وجالس جابر بن عبد الله، وجالست عبد الله بن دينار، وجالس ابن عمر، وجالست الزهرى، وجالس أنس بن مالك - حتى عدد جماعة - ثم أنا أجالسكم؟ فقال له حدث فى المجلس: أنتصف يا أبا محمد؟ قال: إن شاء الله. قال له: والله لشقاء من جالس أصحاب رسول الله ﷺ بك أشد من شقائك بنا. فأطرق، وتمثل بشعر أبى نواس:
خل جنبيك لرام … وامض عنه بسلام
مت بداء الصمت خي … ر لك من داء الكلام
فسأل: من الفتى؟ فقالوا: يحيى بن أكثم. فقال سفيان: هذا الغلام يصلح لصحبة هؤلاء، يعنى السلطان. وكتب يحيى بن أكثم إلى صديق له:
جفوت، وما فيما مضى كنت تفعل … وأغفلت من لم تلفه عنك يغفل
وعجلت قطع الوصل فى ذات بيننا … بلا حدث، أو كدت فى ذاك تعجل
وأصبحت، لولا أننى ذو تعطف … عليك بودى صابر متجمل
أرى جفوة أو قسوة من أخى ندى … إلى الله فيها المشتكى والمعوّل