وقال البربهارى: مثل أصحاب البدع مثل العقارب، يدفنون رءوسهم وأبدانهم فى التراب، ويخرجون أذنابهم. فإذا تمكنوا لدغوا، وكذلك أهل البدع، هم مختفون بين الناس. فإذا تمكنوا بلغوا ما يريدون.
وقال أيضا: الناس فى خداع متصل وكانت للبربهارى مجاهدات ومقامات فى الدين كثيرة. وكان المخالفون يغيظون قلب السلطان عليه. ففى سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة فى خلافة القاهر ووزيره ابن مقلة - تقدم بالقبض على البربهارى. فاستتر، وقبض على جماعة من كبار أصحابه. وحملوا إلى البصرة، وعاقب الله تعالى ابن مقلة على فعله ذلك، بأن أسخط عليه القاهر، وهرب ابن مقلة، وعزله القاهر عن وزارته، وطرح فى داره النار، فقبض على القاهر بالله يوم الأربعاء لست من شهر جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وحبس وخلع وسملت عيناه فى هذا اليوم حتى سالتا جميعا فعمى، ثم تفضل الله تعالى، وأعاد البربهارى إلى حشمته، وزادت، حتى إنه لما توفى أبو عبد الله بن عرفة - المعروف بنفطويه - وحضر جنازته أماثل أبناء الدنيا والدين: كان المقدم على جماعتهم فى الإمامة: البربهارى. وذلك فى صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة. وفى هذه السنة ازدادت حشمة البربهارى، وعلت كلمته، وظهر أصحابه، وانتشروا فى الإنكار على المبتدعة، فبلغنا أن البربهارى اجتاز بالجانب الغربى، فعطس، فشمته أصحابه، فارتفعت ضجتهم حتى سمعها الخليفة وهو فى روشنه، فسأل عن الحال؟ فأخبر بها، فاستهولها، ولم تزل المبتدعة ينقلون قلب الراضى على البربهارى، فتقدم الراضى إلى بدر الحرسى صاحب الشرطة بالركوب والنداء ببغداد: أن لا يجتمع من أصحاب البربهارى نفسان، فاستتر وكان ينزل بالجانب الغربى بباب محوّل فانتقل إلى الجانب الشرقى مستترا، فتوفى فى الاستتار فى رجب سنة تسع وعشرين وثلاثمائة
حدثنى محمد بن الحسن المقرى قال: حكى لى جدى وجدتى قالا: كان أبو محمد