حضره مؤدبى أبو إسحاق الضرير، فقال له: لو اشتغلت بشئ من العربية - أو كلاما هذا معناه - فقال: هذا مسند أحمد، يأخذ أحدكم أى جزء شاء ويقرأ علىّ الإسناد لأذكر المتن، أو المتن لأذكر الإسناد، فاحتشمناه أن نقول له ذلك أو كما قال.
قال أخى أبو القاسم ﵀: وذكر أن أبا عبد الله بن بطة كان يسرد الصوم، وكان بعينه ناصور، وقد وصف له ترك العشاء، فكان يجعل عشاءه قبل الفجر بيسير، ولا ينام حتى يصبح، وكان عالما بمنازل الفجر والقمر.
قلت أنا: وحكى لى أبو الفتح العكبرى، قال: وجدت بخط أبى قال.
اجتاز الشيخ أبو عبد الله بن بطة بالأحنف العكبرى، فقام له، فشق ذلك عليه:
فأنشأ يقول:
لا تلمنى على القيام، فحقى … حين تبدو أن لا أملّ القياما
أنت من أكرم البرية عندى … ومن الحق أن أجل الكراما
فقال ابن بطة لابن شهاب: تكلف له جواب هذه، فقال:
أنت إن كنت - لاعدمتك - ترعى … لى حقا، وتظهر الإعظاما
فلك الفضل فى التقدم والعل … م، ولسنا نحب منك احتشاما
فاعفنى الآن من قيامك، أولا … فسأجزيك بالقيام قياما
وأنا كاره لذلك جدّا … إن فيه تملقا وأثاما
لا تكلف أخاك أن يتلقا … ك بما يستحل فيه الحراما
فإذا صحّت الضمائر منا … اكتفينا أن نتعب الأجساما
كلنا واثق بود مصا … فيه، ففيما انزعاجنا وعلاما؟
أنبأنا على عن ابن بطة قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الوراق قال:
حدثنا بشر بن الوليد الكندى قال: حدثنا سهل - أخو حزم - عن أبى عمران