للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأعيان، وشيوخ العلماء وذوى الأسنان، الذين قد شحّ بهم الزمان. وذلك عند معرفتهم بعلمه وديانته، وتقدمه فى النظر والتحقيق، وتخصصه بسلوك أحسن طريق. وإنما يعرف الفضل لأهله من كان فى نفسه فاضلا، ويشهد بالعقل لأهله من كان فى نفسه عاقلا. وقد قيل: نقد الجوهر أشد عوزا من الجوهر.

كان الوالد السعيد متميزا بالزهادة على كافة أهل العلم قلما، ونقل فى طلبه قدماء. كما قال عمر لسلمان حين دوّن الدواوين، «مع من تريد أن أكتبك؟ قال: مع الذين لا يريدون علوّا فى الأرض ولا فسادا»

كان فى قناعته كما قال أبو حمزة الصوفى: كنت إذا أصابتنى فاقة قلت فى نفسى: إلى من أهدى هذه الفاقة؟ ثم فكرت، فلم أجد أحق بها منى، فطويتها.

والأبيات مشهورة فى المعنى.

إذا شئت أن تستقرض المال منفقا … على شهوات النفس فى زمن العسر

فسل نفسك الإقراض من كيس صبرها … عليك وإنظارا إلى زمن اليسر

فإن فعلت كنت الغنى، وإن أبي … ت فكل نوع عندها واسع العذر

وقال: كتب أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجزى الحافظ من مكة - حياها الله - كتابا. ذكر فيه أبياتا جوابا عن كتابه، فقال:

كتابك سيدى لما أتانى … سررت به، وجدد لى ابتهاجا

وذكرك بالجميل لنا جميل … يقلدنا، ولم نمزج مزاجا

جللت عن التصنع فى وداد … فلم نر فى توددك اعوجاجا

وقد كثر المداجى والمرائى … فلا تحفل عن راءى وداجا

حييت معمرا، وجزيت خيرا … وعشت لدين ذى التقوى سراجا

وناهيك بأبى نصر السجزى، مع علمه ودينه وزهده.

ولعمرى لقد حاز الوالد السعيد من الفضل ما عسى أن يعجز عنه كثير من