أبي يعلى بن الفراء. فبقيت ضيق الصدر. فلما كان أول جمعة أتت على موته وأنا مصعد فى الدجلة، قرب الزاهر، إذ دخل شيخ هناك عليه آثار النسك.
فقال لى: السلام عليك، ثم قال: أنت سعود مولى ابن يوسف؟ قلت: نعم:
قال: إن ألقى إليك شئ تلقيه إلى صاحبك؟ قلت: نعم. قال: رأيت البارحة - وهى ليلة الجمعة - كأنى بائت فى رباط الزوزنى، مقابل جامع المنصور. وقد أقبل عشرة أنفس من نحو باب الشام، يقدمهم شخص لم أر كهيئته. ونوره. فقلت لأحدهم: من أنتم؟ فقال: هذا النبى ﷺ. ونحن العشرة. فقلت:
ما الذى جاء به ﷺ وبكم؟ فقال: سل نبيك. فقلت: يا رسول الله، أنت بالمدينة، فما الذى جاء بك؟ فقال: جئت وأصحابى صليت على أبى يعلى ابن الفراء. فقلت له: من أقول لصاحبى الذى رأى هذه الرؤيا؟ فقال: ما عليك.
هذا لفظه، أو كما قال (١)
وسمعت أحمد بن العلثى الزاهد يقول: رأيت القاضى أبا يعلى بعد وفاته، فى الشهر الذى توفى فيه، فى إحدى ليالى القدر، وقدر ازداد حسنا إلى حسنه ونورا إلى نوره. وكأنه ميت، وهو ملقى على ظهره. فقلت: ما أحسن ما قد صار القاضى وقد جاءوه بماء، أو ماء ورد. فأخذ بإحدى يديه، فأمرها على الجانب الآخر، وأخذ بيده الأخرى فأمرها على الجانب الآخر. فعجبت من ذلك. ثم جاءوه بكفن من حرير، لم مثل حسنه، فأدرج فيه، وحفر له بركة عرضها شبه عرض باريتين.
ودفن فى تلك البركة، وخلق عظيم على رأس تلك البركة. فنظرت إذا بالقرب من تلك البركة سبائك، وعليه نعش، وعلى النعش ميت مكفن بكفن أبيض لم أر مثل بياضه. فعرفت من ذلك الخلق صاحبا للقاضى أبى يعلى أعجميا، يدعى
(١) من هو سعود الحبشى؟ ومن هو هذا الناسك المجهول؟ حتى نأخذ بمثل هذا. وكيف يرضى أن يأتى النبى ﷺ للصلاة على من هو دون الخلفاء الراشدين والصحابة البررة مئات المرات؟.