استزاره المعتضد، وقربه وأجازه. فرد جائزته. فقال له: اكتم مجلسنا، ولا تخير بما فعلنا بك، وبما قابلتنا به. فقال له الحربى: لى إخوان لو علموا باجتماعى معك هجرونى. فقال له رئيس الرؤساء كلاما أسره إليه، ومد كمه إليه. فتأخر القاضى الإمام عنه. وسمعته يقول: أنا فى كفاية ودعة. فقلت له: يا سيدنا ما قال لك؟ قال قال لى: معى شئ من بقية ذلك الإرث المستطاب، وليس مما قد تلوثنا به من الدنيا، فأحب أن تأخذه، وتصرفه فى بعض حوائجك. فقلت له: أنا فى كفاية ودعة، أو كما قال
وسمعت بعض أصحابنا يحكى أنه لما حصّب الإمام القائم بالله - رضوان الله عليه - وعوفى: حضر الشيخ أبو منصور بن يوسف عند الوالد السعيد، وقال له:
لو سهل عليك أن تمضى إلى باب القربة لتهنئ الإمام بالعافية؟ فمضى إلى هناك فخرج إليه محمد الوكيل، ومعه جائزة سنية، وعرفه شكر الإمام لسعيه، وتبركه بأدعيته، ويسأله قبول ذلك. قال: فو الله ما مسها، ولا قبلها. فروجع فى ذلك، فأبي، أو كما قال
وسمعت جماعة من أهلى يحكون: أن فى سنة إحدى وخمسين وأربعمائة - لما وقع النهب ببغداد بالجانب الغربى منها، وانتقل الوالد السعيد من درب الدبرج إلى باب البصرة. وكان فى داره بدرب الدبرج خبز يابس، فنقله معه، وترك نقل رحله لتعذر من يحمله. واختار حمل الخبز اليابس على الرحل النفيس. وكان يقتات منه ويبله بالماء. وقال: هذه الأطعمة اليوم نهوب وغصوب، ولا أطعم من ذلك شيئا. فبقى ما شاء الله يتقوت من ذلك الخبز اليابس المبلول، ويتقلل من طعمه إلى أن نفد، ولحق الوالد السعيد من ذلك الخبز اليابس المبلول مرض. وكان قد مرض
وكان الولد السعيد فى كل ليلة جمعة يختم الختمة فى المسجد بعد صلاة عشاء الآخرة، ويدعو ويؤمن الحاضرون على دعائه، ما أخل بهذا سنين عديدة إلا لمرض أو لعذر مستفيض، سوى ما كان يختمه فى غير تلك الليلة.