وقال أبو بكر بن أبى داود: كان فى ربيعة رجلان، لم يكن فى زمانهما مثلهما. لم يكن فى زمان قتادة مثل قتادة. ولم يكن فى زمان أحمد بن حنبل مثله.
وهذا النسب فيه منقبة عميمة. ورتبة عظيمة، من وجهين.
أحدهما: حيث تلاقى فى نسب رسول الله ﷺ. لأن نزارا كان له ابنان. أحدهما: مضر. ونبينا ﷺ من ولده. والآخر ربيعة. وإمامنا أحمد من ولده
والوجه الثانى: أنه عربى صحيح النسب. وقد قال رسول الله ﷺ «أحبوا العرب لثلاث: لأنى عربى. والقرآن عربى، ولسان أهل الجنة عربى (١)» هكذا ذكره ابن الأنبارى فى كتاب الوقف والابتداء.
وقال الربيع بن سليمان: قال لنا الشافعى: أحمد إمام فى ثمان خصال: إمام فى الحديث، إمام فى الفقه، إمام فى اللغة، إمام فى القرآن، إمام فى الفقر، إمام فى الزهد، إمام فى الورع، إمام فى السنة. وصدق الشافعى فى هذا الحصر.
أما قوله «إمام فى الحديث» فهذا ما لا خلاف فيه ولا نزاع، حصل به الوفاق والاجماع. أكثر منه التصنيف، والجمع والتأليف. وله الجرح والتعديل، والمعرفة والتعليل، والبيان والتأويل. قال أبو عاصم النبيل يوما: من تعدّون فى الحديث ببغداد؟ فقالوا: يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وأبا خيثمة ونحوهم. فقال:
من تعدون بالبصرة عندنا؟ فقالوا: على بن المدينى، وابن الشاذ كونى، وغيرهما.
فقال: من تعدون بالكوفة؟ قلنا: ابن أبى شيبة، وابن نمير، وغيرهما، فقال:
أبو عاصم - وتنفس - ها، ها، ما أحد من هؤلاء إلا وقد جاءنا ورأيناه. فما رأيت فى القوم مثل ذلك الفتى أحمد بن حنبل.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلاّم: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل،
(١) قال العجلونى فى كشف الخفاء: رواه الطبرانى والحاكم والبيهقى وآخرون عن ابن عباس مرفوعا بسند فيه ضعف جدا.