وعلى بن المدينى، ويحيى بن معين، وأبى بكر بن أبى شيبة. وكان أحمد بن حنبل أفقههم فيه.
ودخل الشافعى يوما على أحمد بن حنبل، فقال: يا أبا عبد الله، كنت اليوم مع أهل العراق فى مسألة كذا. فلو كان معى حديث عن رسول الله ﷺ؟ فدفع إليه أحمد ثلاث أحاديث. فقال له: جزاك الله خيرا.
وقال الشافعى لإمامنا أحمد يوما: أنتم أعلم بالحديث والرجال. فاذا كان الحديث الصحيح فأعلمونى، إن شاء يكون كوفيا، أو شاء شاميا، حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا.
وهذا من دين الشافعى حيث سلم هذا العلم لأهله
وقال عبد الوهاب الوراق: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل. قالوا له: وإيش الذى بان لك من علمه وفضله على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال «أخبرنا» و «حدثنا».
وقال إبراهيم الحربى - وقد ذكر أحمد -: كأن الله قد جمع له علم الأولين من كل صنف، يقول ما يرى، ويمسك ما شاء.
وقال أبو زرعة الرازى: حزرنا حفظ أحمد بن حنبل بالمذاكرة على سبعمائة ألف حديث. وفى لفظ آخر: قال أبو زرعة الرازى: كان أحمد يحفظ ألف ألف. فقيل له: وما يدريك؟ قال: ذاكرته، فأخذت عليه الأبواب.
وأما الخصلة الثانية، وهى قوله «إمام فى الفقه» فالصدق فيه لائح. والحق فيه واضح، إذ كان أصل الفقه: كتاب الله وسنة رسوله وأقوال صحابته. وبعد هذه الثلاثة: القياس. ثم قد سلّم له الثلاث، فالقياس تابع. وإنما لم يكن للمتقدمين من أئمة السنة والدين تصنيف فى الفقه، ولا يرون وضع الكتب ولا الكلام، إنما كانوا يحفظون السنن والآثار، ويجمعون الأخبار، ويفتون بها.