ولا إلى بناتى حمّى قط وجدتها. الرجل هو الذى يدخل غمه على نفسه. ولا يغم عياله. وكان بى شقيقة خمسا وأربعين سنة، ما أخبرت بها أحدا قط. ولى عشرون سنة أبصر بفرد عين ما أخبرت بها أحدا قط. وأفنيت من عمرى ثلاثين سنة برغيفين، إن جاءتنى بهما أمى أو أختى أكلت، وإلا بقيت جائعا عطشانا إلى الليلة الثانية. وأفنيت ثلاثين سنة من عمرى برغيف فى اليوم والليلة، إن جاءتنى به امرأتى أو إحدى بناتى أكلته، وإلا بقيت جائعا عطشانا إلى الليلة الأخرى. والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة، إن كان برنيا، أو نيفا وعشرين إن كان دقلا. ومرضت ابنتى فمضت امرأتى، فأقامت عندها شهرا. فقام إفطارى فى هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف. ودخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين فقامت نفقة شهر رمضان كله بدرهم وأربعة دوانيق ونصف.
وأخبرنا على البندار عن ابن بطة قال سمعت أبا بكر بن أيوب العكبرى يقول: سمعت إبراهيم الحربى يقول: ما تزوجت ولا زوجت قط ولا أكلت من شئ واحد فى يوم مرتين.
وأنبانا أبو بكر المقرئ عن ابن سمعون قال قال أحمد بن سليمان القطيعى أضقت إضاقة، فمضيت إلى إبراهيم الحربى لأبثه ما أنا فيه. فقال لى: لا يضق صدرك. فإن الله من وراء المعونة. وإنّي أضقت مرة حتى انتهى أمرى فى الإضاقة إلى أن عدم عيالى قوتهم. فقالت لى الزوجة: هب أنى أنا وإياك نصبر فكيف نصنع بهاتين الصبيتين؟ فهات شيئا من كتبك حتى نبيعه أو نرهنه فضننت بذلك، وقلت: اقترضى لهما شيئا، وأنظرينى بقية اليوم والليلة. وكان لى بيت فى دهليز دراى فيه كتبى. فكنت أجلس فيه للنسخ وللنظر. فلما كان فى تلك الليلة إذا داقّ يدق الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: رجل من الجيران فقلت: ادخل فقال: أطفئ السراج حتى أدخل. فكببت على السراج شيئا.
وقلت: ادخل. فدخل وترك إلى جانبى شيئا وانصرف. فكشفت عن السراج