ونظرت، فإذا منديل له قيمة، وفيه أنواع من الطعام وكاغد فيه خمسمائة درهم.
فدعوت الزوجة، وقلت: أنبهى الصبيان حتى يأكلوا، ولما كان من الغد قضينا دينا كان علينا من تلك الدراهم: وكان وقت مجئ الحاج من خراسان. فجلست على بابى من غد تلك الليلة. فإذا جمّال يقود جملين عليهما حملان ورقا. وهو يسأل عن منزل الحربى، فانتهى إلىّ، فقلت: أنا إبراهيم. فحط الحملين، وقال: هذان الحملان أنفذهما لك رجل من خراسان. فقلت: من هو؟ فقال:
قد استحلفنى أن لا أقول من هو.
وقال أبو عثمان الرازى: جاء رجل من أصحاب المعتضد إلى إبراهيم الحربى بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد، يسأله عن أمير المؤمنين أن يفرق ذلك، فرده. فانصرف الرسول، ثم عاد فقال: إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرقه فى جيرانك. فقال: عافاك الله. هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه، فلا نشغلها بتفرقته. قل لأمير المؤمنين: إن تركتنا وإلا تحولنا من جوارك.
وقال أبو القاسم بن الختلى: اعتل إبراهيم الحربى علة أشرف فيها على الموت، فدخلت عليه يوما. فقال لى: يا أبا القاسم، أنا فى أمر عظيم مع ابنتى. ثم قال لها: قومى أخرجى إلى عمك، فخرجت. فألقت على وجهها خمارها، فقال لها إبراهيم: هذا عمك كلميه. فقالت لى: نحن فى أمر عظيم، لا فى الدنيا ولا فى الآخرة: الشهر والدهر مالنا طعام إلا كسرا يابسة وملحا، وربما عدمنا الملح.
وبالأمس قد وجه إليه المعتضد مع بدر ألف دينار، فلم يأخذها. ووجه إليه فلان وفلان فلم يأخذ منهما شيئا. وهو عليل. فالتفت الحربى إليها وتبسم، وقال:
ياينية، إنما خفت الفقر؟ قالت: نعم. قال لها: أنظرى إلى تلك الزاوية، فنظرت، فإذا كتب، فقال: هناك اثنا عشر ألف جزء لغة وغريب، كتبته بخطى، إذا مت فوجهى فى كل يوم بجزء تبيعينه بدرهم. فمن كان عنده اثنا عشر ألف درهم ليس هو فقير
وأنبأنا الحسن بن على الجوهرى حدثنا محمد بن العباس الخزاز قال: سمعت