أبا عمر محمد بن عبد الواحد اللغوى يقول: سمعت ثعلبا يقول: ما فقدت إبراهيم الحربى من مجلس نحو أو لغة خمسين سنة.
وقال إبراهيم الحربى: ما أخذت على علم قط أجرا ولا مرة واحدة. فإنى وقفت على باب بقال، فوزنت له قيراطا إلا فلسا، فسألنى عن مسئلة فأجبته.
فقال للغلام: أعطه بقيراط ولا تنقصه شيئا فزادنى فلسا.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كان أبى يقول: امض إلى إبراهيم الحربى حتى يلقى عليك الفرائض.
ولما مات سعيد بن أحمد بن حنبل جاء ابراهيم الحربى إلى أحمد بن حنبل، فقام إليه عبد الله، فقال: تقوم إلى؟ فقال عبد الله: لم لا أقوم؟ والله لو رآك أبى لقام إليك. فقال الحربى: والله لو رأى ابن عينية أباك لقام إليه.
وقال محمد بن صالح القاضى: لا نعلم أن بغداد أخرجت مثل إبراهيم الحربى فى الأدب والحديث، والفقه، والزهد
وقال ابراهيم الحربى لجماعة عنده: من تعدون الغريب فى زمانكم هذا؟ فقال واحد منهم: الغريب من نأى عن وطنه. وقال آخر: الغريب من فارق أحبابه.
وقال كل واحد منهم شيئا. فقال ابراهيم: الغريب فى زماننا رجل صالح عاش بين قوم صالحين، إن أمر بالمعروف آزروه، وإن نهى عن المنكر أعانوه. وإن احتاج الى سبب من الدنيا ما نوه، ثم ماتوا وتركوه
وقال محمد بن خلف وكيع: كان لإبراهيم الحربى ابن. وكان له إحدى عشرة سنة، قد حفظ القرآن، ولقنه من الفقه شيئا كثيرا. قال: فمات، فجئت أعزيه، قال فقال لى: كنت أشتهى موت ابنى هذا. قال قلت: يا أبا اسحاق، أنت عالم الدنيا، تقول مثل هذا فى صبى قد أنجب، ولقنته الحديث والفقه؟ قال: نعم، رأيت فى النوم كأن القيامة قد قامت، وكأن صبيانا بأيديهم قلال فيها ماء، يستقبلون الناس يسقونهم. وكأن اليوم يوم حار شديد حره. فقلت لأحدهم: اسقنى من