للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُحَمَّدٍ: بَكَى وقَال: إِنَّا لله وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ. يَزْعُمُ هَذَا البَصْرِيُّ، أَنَّه أَنْفَقَ على العِلْمِ مَالاً عَظِيْمًا، وهو لا يَهْتَدِي إلى سُنَّةِ رَسُوْلِ الله . فَكَتَبَ إِلَيْه: بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيْمِ، الحمْدُ للهِ الَّذي جَعَلَ في كلِّ زَمَانٍ بَقَايَا من أَهْلِ العِلْمِ يَدْعُونَ من ضلَّ إلى الهُدَى، ويَنْهَوْنَهُ عن الرَّدَى، يُحْيُوْنَ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى المَوْتَى، وبِسُنَّةِ رَسُوْلِ الله أهْلَ الجَهَالَةِ والرَّدَى، فَكَمْ من قَتِيْلٍ لإبْلِيْسَ قَدْ أَحْيَوْهُ، وكَمْ مِنْ ضَالٍّ تَائِهٍ قَدْ هَدَوْهُ، فَمَا أَحْسَنَ آثَارَهُمْ عَلَى النَّاسِ، يَنْفُوْنَ عن دينِ الله ﷿ تَحْرِيْفَ الغَالِيْنَ، وانتِحَالَ المُبْطِلِيْنَ، وتَأْوِيْلَ الضَّالِّين الَّذين عَقَدُوا أَلْوِيَةَ البِدَع، وأَطْلَقُوا عَنَانَ الفِتْنَةِ، يَقُوْلُوْنَ على اللهِ، وفي الله -تَعَالَى الله عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيْرًا- وفي كِتَابِهِ بِغَيْرِ عَلْمٍ، فَنَعُوذُ بالله من كلِّ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، وصلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ.

أَمَّا بَعْدُ، وَفَقَّنَا اللهُ وإِيَّاكُمْ لَمِا فِيْهِ طَاعَتُهُ، وجَنَّبَنَا وإِيَّاكُم مَا فِيْهِ سَخَطُهُ، واسْتَعْمَلَنَا وإِيَّاكُمْ عَمَلَ العَارِفِيْنَ بِهِ، الخَائِفِيْنَ مِنْهُ، إِنَّه المَسْئُولُ ذلِكَ. أُوصِيْكُمْ ونَفْسِي بِتَقْوَى الله العَظِيْمِ، ولُزُوْمِ السُّنَّةِ. فَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا حَلَّ بِمَنْ خَالَفَهَا، وَمَا جَاءَ فيمن اتَّبَعَهَا، بَلَغَنَا عنْ النَّبيِّ أنَّه قَالَ: (١) "إنَّ اللهَ ﷿ لَيُدْخُلُ العَبْدَ الجَنَّةَ بالسُّنَّةِ يَتَمَسَّكُ بِهَا" فآمُرُكُمُ أَنْ لَا تُؤْثِرُوا عَلَى القُرْآنِ شَيْئًا؛ فَإِنَّه كَلَامُ اللهِ ﷿، ومَا تَكَلَّمَ اللهُ بِهِ فَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَمَا أَخْبَرَ بِهِ عن القُرُوْنِ المَاضِيَةِ فَغَيْرُ مَخْلُوْقٍ، ومَا في اللَّوْحِ


(١) قال الشَّيخُ عبدُ القَادِرِ الأرناؤوط في هامش "المنهج الأحمد": "لم أجده بهذا اللَّفظ فيما بين يديَّ من المصادر الأخرى الحديثية وسواها، ومعناه صحيحٌ".