للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ والسِّتُّوْنَ): قَالَ الخِرَقِيُّ: والمُرَاجَعَةُ أَنْ يَقُوْلَ لِرَجُلَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ: اِشْهَدَا أَنِّي قَدْ رَاجَعْتُ امْرَأَتِي، بِلَا وَليِّ يَحْضُرُهُ، ولَا صَدَاقٍ يزيدُهُ، وقَدْ رُوِيَتْ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، تَدُلُّ عَلَى أَنَّه تَجُوْزُ الرَّجْعَةُ بِلَا شَهَادَةٍ، اختَارَهَا أَبُو بَكرٍ، والوَالِدُ، وبِهَا قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ، ومَالِكٌ. وَجْهُ قَوْلِ الخِرَقِيِّ -اختَارَهُ ابنُ شَاقِلَّا، وهوَ المَشْهُوْرُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ-: أَنَّ الشَّهَادَةَ اعتُبِرَتْ في النِّكَاحِ لِيَثبتَ بِهَا عِنْدَ التَّجَاحُدِ، احتِيَاطًا للبُضْعِ، وهَذَا المَعْنَى مَوْجُوْدٌ في الرَّجْعَةِ.

وَجْهُ الثَّانِيَةِ: أنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ للزَّوْجِ، بِدِلَالَةِ قَوْلهِ تَعَالَى: (١) ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ فَلَا يَفْتَقِرُ في اسْتِيْفَائِهِ إِلَى الإشْهَادِ، كَسَائِرِ الحُقْوْقِ.

(المَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ والسِّتُّوْنَ): قَالَ الخِرَقِيُّ: والفَيْئَةُ: الجِمَاعُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ من مَرَضٍ، أو إِحْرَامٍ أَوْ شَيءٍ لَا يُمْكُنُ مَعَهُ الجِمَاعُ، فيَقُولَ: مَتَى قَدِرْتُ جَامَعْتُهَا، فيكونَ ذلِكَ مِنْ قَوْلهِ فَيْئَةٌ لِلْعُذْرِ، فَمَتَى قَدَرَ فَلَمْ يَفْعَلْ أُمِرَ بالطَّلَاقِ، وهو قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

وَوَجْهُهُ: أَنَّ عَلَيْهِ الفَيْئَةَ بِحَسَبِ القُدْرَةِ، فَإِذَا فَعَلَ هَذَا فَقَدْ فَعَلَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، فَإِذَا زَالَ عُذْرُهُ خَرَجَ عَنْ حَالِ العَاجِزِ، فَلَهذَا أُمِرَ بالجِمَاعِ، أو الطَّلَاقِ إِذَا لَم يُجَامِعْ.

وقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا فَاءَ بِلِسَانِهِ حَالَ العُذْرِ سَقَطَ الإيْلَاءُ، ولَمْ تَلْزَمٍ الفَيْئَةُ بالجِمَاعِ عِنْدَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ، اختَارَهُ الوالِدُ [السَّعِيْدُ]، وبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيْفةَ.


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٢٨.