للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فُوجِئَ بفقْدِهِ، لكِنَّ الله عَوَّضَهُ في جَدِّهِ لأمِّهِ، وخَالِهِ، وخَالِ أُمِّهِ، ما يَسُدُّ به بعضَ النَّقْصِ الَّذِي فَقَد بِفَقْدِ والِدِهِ، فَوَجَّهُوه وِجْهَةً عِلْمِيَّةً صَحِيْحَةً، ووجَدَ من كِبَارِ الفُقَهَاءِ من تَلَامِيْذِ أَبِيْه مَنْ يَحْنُو عَلَيْهِ ويَرْأَفُ بِهِ، فَجَدَّ في طَلَبِ العِلْمِ وَلَازَمَ حَلَقَاتِ العُلَمَاءِ، وأَكْثَرَ مِنَ الرِّوَايَةِ حَتَّى تَعَدَّدَتْ مَشَارِبُهُ، وكَثُرَ شُيُوخُهُ، وصَارَ يَتَجَوَّلُ في كَثيْرٍ من حَلَقَاتِ العِلْمِ.

ولَمَّا كَانَتْ أَخْبَارُهُ في المَصَادِر قَلِيْلَةً جَدًّا؛ لِذَا فإنِّي لا أَعْرِفُ له رَحَلَاتٍ في طَلَبِ العِلْمِ، إِنْ كَانَ ثَمَّتَ رَحَلَاتٌ، ويُلَقَّبُ بـ "القَاضِي" ولَا أَعْرِفُ مَتَى وأَيْنَ تَوَلَّى القَضَاءَ، وَكَمْ مدَّة قَضَائِهِ … (١) إلى غير ذلِكَ من الأَسْئِلَةِ الَّتِي لا يَجِدُ لَهَا البَاحِثُ جَوَابًا؛ لِنُدْرَةِ المَعْلُوْمَات في ذلِكَ، ولا غَرَابَة، فَلَمْ يَكُن أَبُوالحُسَيْن من أَفْذَاذِ العُلَمَاء الَّذيْنَ لا تُغْفَلُ سِيَرُهُم، وإِنَّمَا كَانَ من أَوْسَاطِ العُلَمَاءِ، فَمَا حُفِظَ من سِيْرَتِهِ يُقَارِبُ ما حُفظَ في سِيَرِ أنْدَادِهِ ونُظَرَائِهِ، ولم يَكُنْ أَبُوالحُسَيْن يُكْثِرُ من التَّحَدُّثِ عَنْ نَفْسِهِ في كتَابِهِ، ولو فَعَلَ ذلِكَ لأغْنَانَا عن البَحْثِ والتَّحَرِّي في كثيرٍ منْ جَوانِب سِيْرَتهِ، وَلَقَدْ أَتْحَفَنَا وأَغْنَانَا عن البَحْثِ عن شُيُوخِهِ لَمَّا أَسْنَدَ إِلَيْهِم الرِّوايةَ في كتَابِهِ، وزَوَّدَنَا بِعَدَدٍ من أَسْمَاءِ شُيُوخِهِ ومُفِيْدِيْهِ، هُمْ أَضْعَافُ ما ذُكِرَ في كُتُبِ التَّرَاجِمِ.

٥ - أشْهر شُيُوخه:

قُلْنَا إِنَّه فَقَدَ أَبَاهُ في زَمَنٍ مُبَكِّر من مَرْحَلَةِ الطَّلَبِ فلم يُمَتَّعْ بما عِنْدَ


(١) جاء في ترجمة أخيه أبي خازمٍ في الوافي بالوفيات (١/ ١٦٠): "شهد مع أخيه أبي الحسين عند قاضي القضاة أَبِي الحسن بن الدَّامغاني".

<<  <  ج: ص:  >  >>