للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والده من الرِّوايةِ، ولم يَغْتَرِفْ من بَحْرِهِ الزَّاخِرِ في الفِقْهِ والأُصُولِ … ؛ لأنَّه كَانَ في بِدَايَاتِ الطَّلبِ، فَقَلَّتْ روايتُهُ عنه جدًّا (١)، ولا أظُنَّ أنَّ سِنَّهُ لَمَّا مَاتَ أبُوه تُمَكِّنُهُ مِنْ تَحَمُّل الرِّوَايَةِ، ورِوَايَتُهُ عن أَبِيْهِ -أغلَبُها- عن طَرِيقِ الإجَازةِ التي سَأَلَهَا خَالُهُ عبدُ اللهِ بنُ جَابرِ بنِ يَاسين أباهُ وهو في مَرَضِ المَوْتِ فأجازَ له ولأَخيه أَبي خَازِمٍ الذي مَازَالَ في سَنَةِ ولادَتِهِ الأُوْلَى تَقْرِيْبًا، وإن كنَّا نَجِدُ أَبَا الحُسَيْنِ يُحَدِّثُ عن أَبِيه رِوَايَةً، لا إِجازةً، قَبْلَ هَذَا التَّاريخِ، قال: "حَدَّثَنَا الوَالدُ السَّعِيْدُ إملاءً من لَفْظِهِ وأصْلِهِ يَومَ الجُمُعَةِ بعدَ الصَّلَاةِ بجَامعِ المَنْصُورِ في التَّاسِعِ والعِشْرِين من ذي القعْدَة سنة ستٍّ وخمسين وأربعمائة، قال: حدَّثَنَا أبُو الحُسين بن أخِي ميمي … " (٢).

ولا شَكَّ أنَّ في هذَا بُعْدًا، فكيفَ يَعْقِلُ الإسنادَ والرِّوايةَ، وهو لم يَتَجَاوَزْ الخَامِسَةَ من عُمُرِهِ؟! لكنَّ العُلَمَاءِ ارتَضَوا هَذِه الرِّوايةَ فقالُوا: "حدَّثَ عن أَبِيْه وَغَيْرِهِ" ويَسَعنا ما وَسِعَهُمْ.

ومِمَّا يُعَابُ على المُؤَلِّفِ- عَفَا الله عُنْه- أنَّه كثيرُ التَّدْلِيْسِ (٣) في أَسْمَاءِ شُيُوخِهِ مِمَّا يَجْعَلُ التَّعَرُّفُ على بَعْضِهِم عَسِيْرًا جدًّا، ورُبَّمَا كانَ مُسْتَحِيْلًا في بَعْضِ الأَحْيَانٍ، وقد عَانَيْتُ مَشَاقَّ البَحْثِ في هَذَا الجَانبِ وتعَرَّفتُ


(١) وقولُ المؤلِّف في ترجمة أبيه (٣/ ٣٧٦): "وحَضَرْتُ أنا أكثر أَمَالِيْهِ" فيه نظرٌ؟!.
(٢) الطَّبقات (٣/ ٣٧٦).
(٣) قَالَ ابنُ الصَّلَاح في "علُوم الحَدِيْثِ" (١٦٧): "هُوَ أن يَرْوي عَنْ شَيْخٍ حَدِيْثًا سَمِعَهُ مِنْهُ فَيُسَمِّيه، أَوْ يُكَنِّيه، أَوْ يَصِفهُ بِمَا لا يُعْرَفُ بِهِ كَي لا يُعْرَف" وَيَظْهَرَ أنَّ أَبَا الحُسَيْن دَلَّسَ ليُوْهم كَثْرَة شيوخه. عَفَا اللهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>