للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَؤُلَاءِ هُمْ ذَوُوا قَرَابةِ أَبي الحُسَيْنِ من آبائه، وإخوَانُهِ، وأَبْنَاءِ إِخْوَانِهِ وأخْوَالِهِ من أُمِّه وَأَبيه، ممَّن ينتسِبُ إلى العِلْم، الَّذِيْن ذكرهم أَصْحَابُ التَّراجِمِ، ممَّن وَقَفْتُ عليه في تَتَبُّعي واسْتِقْرَائِي النَّاقِصِ لكُتُبِ التَّراجِمِ الَّتي تَوَصِّلْتُ إليها، وهي تَدُلُّ دِلَالَةً أكِيْدَةً على أنَّ البيْئةَ الاجتماعيةَ المُحيْطَةَ بأِبي الحُسَيْنِ بيئةٌ عِلميَّةٌ، فَلا غَرَابَةَ في نُبُوغِهِ المُبَكِّرِ، وحِرْصِهِ على طَلَبِ العِلْمِ، وَدَأْبِهِ في تَحْصِيلِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فَقْدُهُ لأبِيْهِ ليَقِفَ حَائِلًا دُوْنَ تحقيقِ هَذِه الرَّغبة السَّامِيَةِ، فعوَّضَهُ اللهُ بِأَخْوَالِهِ من أَهْلِ العِلْمِ، ثم بشُيُوخِهِ من تَلاميذِ أبيه وَغَيْرِهِم ما مَكَّنَهُ من مُواصَلَةِ الطَّلَبِ حتَّى أَصْبَحَ "ثِقَةً، صَحِيْحَ السَّمَاعِ فَاضِلًا" (١) و"بَرَعَ في الفِقْهِ وأَفْتى" (٢).

٤ - نَشْأَتُهُ وَطَلَبُهُ العِلْمَ:

لا نَعْرِفُ شَيْئًا عن نَشْأَته الأُولَى؛ إلَّا أَنَّ مكانةَ والدِهِ الاجتماعيَّةَ والعِلْمِيَّةَ والسِّياسِيَّةَ حيثُ يُعدُّ في رجالِ الدَّولةِ وكبارِ قُضاتِهَا جَعَلَتْهُ هَذه المَكَانَةُ يَنْشأُ في بيئةٍ ذَاتِ دَخْلِ عَالٍ، لا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلى عَنَاءٍ وتَعَبٍ لِكَسْبِ العَيْشِ، فتفرَّغ لطَلَبِ العِلْمِ وَتَحْصِيْلِهِ، ونَفْتَرِضُ أَنَّه دَخَلَ الكتَّابَ كغيرِهِ من أبناءِ زَمَنِهِ أَدْرَك مَبَادِئَ العُلُوْم من حفظٍ للقُرْآن ومعرفةٍ بالسُّنَّة … ولا شَكَّ أَنَّه حَضَرَ أَو أُحْضِرَ في مَجَالِسَ وَالِدِهِ، لكِنَّهُ لم يُمَتَّعْ بهذه المَجَالِسِ، فَمَا أَنْ بَدَأَتْ تَظْهَرُ عَلَامَاتُ النَّجَابَةِ عَلَيْهِ واحْتَاجَ إلى عِلْمِ وَالدُه حتَّى


(١) التَّقييد لابن نقطة (١/ ١٠٤).
(٢) الذيل على طبقات الحنابلة (١/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>