للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُكَلِّمَ أَحَدًا مِمَّنْ أَجَابَ، حَتَّى يَلْقَى اللهَ، فَمَازَالَ يَعْتَذِرُ ويَقُوْلُ: حَدِيْثُ عَمَّارٍ، وقَالَ اللهُ تَعَالَى (١): ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ فَقَلَبَ أَحْمَدُ وَجْهَهُ إِلَى الجَانِبِ الآخرِ، فَقَالَ يَحْيَى: لَا تَقْبَلُ عُذْرًا؟ فَخَرَجْتُ بَعْدَهُ، وهُوَ جَالِسٌ على البَابِ، فَقَالَ: أَيْشٍ قَالَ أَحْمَدُ بَعْدِي؟ قُلْتُ: قَالَ: يَحْتَجُّ بِحَدِيْثِ عَمَّارٍ، وحَدِيْثُ عَمَّارٍ: "مَرَرْتُ بِهُمْ وَهُمْ يَسُبُّوْنَكَ فَنَهَيْتُهُمْ فضَرَبُونِي" وأَنْتُم قِيلَ لَكُمْ: نُرِيْدُ أَنْ نَضْرِبَكُمْ. فَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مُرَّ، يَا أَحْمَدُ غَفَرَ اللهُ لَكَ، فَمَا رَأَيْتُ والله تَحْتَ أَدِيْمَ سَمَاءٍ أَفْقَهُ في دِيْنِ الله مِنْكَ.

قَالَ يَحْيَى: وُلِدْتُ في خِلَافَةَ أَبِي جَعْفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وخَمْسِيْنَ في آخِرِهَا. وكَانَ يَحْيَى مِنْ قَرْيَةٍ نَحْوَ الأنْبَارِ يُقَالَ لَهَا نِقْيَا (٢) - ويُقَالُ: إِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ من أَهْلِ نِقْيَا - وكَانَ أَبُوْه كَاتِبًا لِعَبْدِ الله بنِ مَالِكٍ (٣)، ثُمَّ صَارَ على خَرَاجِ الرَّيِّ، فَمَاتَ، فَخَلَّفَ لابنِهِ يَحْيَى أَلْفَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَنْفَقَهُ كلّه على الحَدِيْثِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ نَعْلٌ يَلْبِسُهُ.

وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِينِيُّ: انْتَهَى عِلْمُ النَّاسِ إلى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.

وقَالَ أَبُو عَمْرٍو: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: السَّمَاعُ من يحيى


(١) سورة النحل، الآية: ١٠٦.
(٢) معجم البُلدان (٥/ ٣٤٧) بالكَسْرِ ثم السُّكُون وياء ثم ألف، قال: بها كان [مولد] يحيى بن معين
(٣) عبد الله بن مالك الخُزَاعِيُّ الأمير بن الأمير، أخو نصر بن مالك الأمير أيضًا، وهو عم الإمام الشهيد صاحب الإمام أحمد (أحمد بن نصر بن مالك الخُزاعي) صاحب التَّرجمة رقم (٧٥)، يُراجع هامش ترجمة المذكور ففيها بعض التفصيل.