وبِإِسْنَادِهِ قَالَ: كَانَ لِيُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ مِخْلَاةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا:
لا يَوْمُكَ يَنْسَاكَ … ولَا رِزْقُكَ يَعْدُوْكَا
ومَنْ يَطْمَعُ في النَّا … سِ يَكُنْ للنَّاسِ مَمْلُوْكَا
فَلْيَكُنْ سَعْيُكَ لِلَّـ … ـه فَإِنَّ اللهَ يَكْفِيْكَا
وبإِسْنَادِهِ: قَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ: قِيْلَ لِي: إِنَّ ذَا النُّوْنِ المِصْرِيَّ يَعْرفُ اسمَ اللهِ الأعْظَمَ، فَدَخَلْتُ مِصْرَ، فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ فَبَصَرَ بِيْ، وأَنَا طَوِيْلُ اللِّحْيَةِ، ومَعِيْ رَكْوَةٌ (١) طَوِيْلَةٌ، فاسْتَشْنَعَ مَنْظَرِي، ولَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيَّ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ جَاءَ إِلَى ذِي النُّوْنِ رَجُلٌ صَاحِبُ كَلَامٍ، فَنَاظَرَ ذَا النُّونِ، فلم يَقُمْ ذُو النُّوْنِ بالحُجَجِ عَلَيْهِ، قَالَ: فاجْتَذَبْتُهُ إِلَيَّ، ونَاظَرْتُهُ فَقَطَعْتُهُ، فَعَرَفَ ذُو النُّون مَكَانِي، فَقَامَ إِلَيَّ وعَانَقَنِي، وجَلَسَ بَيْنَ يَدَيَّ، وهو شَيْخٌ وأَنَا شَابٌ، وقَالَ: اعذُرْنِي، فَلَم أَعْرِفْكَ، فَعَذَرْتُهُ، وخَدَمْتُهُ سَنَةً وَاحِدَةً. فَلَمَّا كَانَ على رَأسِ السَّنَةِ، قُلْتُ لَهُ: يا أَسْتَاذُ إِنِّي قَدْ خَدَمْتُهُ، وَقَدْ وَجَبَ حَقِّي عَلَيْكَ، وقيلَ لِي: إِنَّكَ تَعْرِفُ اسمَ اللهِ الأعْظَمَ، وَقَدْ عَرَفْتَنِي، وَلَا تَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا مِثْلِي، فأُحِبُّ أَنْ تُعَلِّمَنِي إِيَّاهُ، قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي ذُو النُّون، ولم يُجِبْنِي، وكأَنَّه أَوْمَأ إِلَى أَنّه يُخْبِرُنِي، قَالَ: فَتَرَكَنِي بَعْدَ ذلِكَ سَتَّة أَشْهُرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيَّ مِنْ بَيْتِهِ طَبَقًا ومِكَبَّة مَشْدُوْدَةً في مِنْدِيْلٍ، وكَانَ ذُو النُّون يَسْكُنُ في الجيْزَةِ، فَقَالَ: تَعْرَفُ فُلًانًا صَدِيْقَنَا مِنَ الفِسْطَاطِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: أُحِبّ أَنْ تُؤدِّيَ إِلَيْهِ هَذَا، قَالَ: فَأَخَذْتُ الطَّبَقَ، وأَنَا مُتَفَكِّرٌ فِيْهِ، مِثْلُ ذِي
(١) الرَّكْوَةُ -بفتح الرَّاء المشددة وكسرها-: إناءٌ صغيرٌ من جلدٍ يشربُ به الماء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute