للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والإيْمَانُ بالشَّرَائِعِ كُلِّهَا. واعْلَمْ أَنَّ الشِّرَاءَ والبَيْعَ حَلَالٌ إِذَا بِيْعَ في أَسْوَاقِ المُسْلِمِيْنَ عَلَى حُكْمِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَهُ ظُلْمٌ أَوْ غَدْر، أَوْ خِلَافٌ للقُرْآنِ، أَوْ خِلَافٌ للعِلْمِ.

واعْلَمْ أنَّه يَنْبَغِي لِلعَبْدِ أَنْ تَصْحَبَهُ الشَّفَقَةُ أَبَدًا مَا صَحِبَ الدُّنْيَا؛ لأنَّه لَا يَدْرِي عَلَى مَا يَمُوْتُ، وبِمَا يُخْتَمُ لَهُ، وعَلَى مَا يَلْقَى اللهَ ﷿؟ وإِنْ عَمِلَ كَلَّ عَمَلٍ مِنَ الخَيْرِ، ويَنْبَغِي لِلرَّجُلِ المُسْرِفِ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يَقْطَعَ رَجَاءَهُ عِنْدَ المَوْتِ، ويُحْسِنُ ظَنَّهُ باللهِ، ويَخَافُ ذُنُوْبَهُ، فَإِنْ فَبِفَضْلٍ، وإِنْ عَذَّبَهُ فَبِذَنْبٍ. والإيْمَانُ بأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَطْلَعَ نَبِيَّهُ عَلَى مَا يَكُوْنُ في أُمَّتِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامِةِ.

واعْلَمْ أَنَّ رَسُوْلَ الله قَالَ: "سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وسَبْعِيْنَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً"، وَهِيَ الجَمَاعَةُ. قِيْلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: "مَا أَنَا عَلَيْهِ اليَّوْمَ وأَصْحَابِي" هكَذا كَانَ الدِّيْنُ إِلَى خِلَافَةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ (١) الجماَعَةُ كُلُّهَا، وهكَذَا في زَمَنِ عُثْمَان، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَان جَاءَ الاخْتِلَافُ والبِدَعُ، وصَارَ النَّاسُ فِرَقًا، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ ثَبَتَ عَلَى الحَقِّ عَنْدَ أَوَّل التَّغْييْرِ، وقَالَ بِه، وعَمِلَ بِهِ، ودَعَا إِلَيْهِ، وكَانَ الأمْرُ مُسْتَقِيْمًا حَتَّى كَانَتِ الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ، انْقَلَبَ الزَّمَانُ، وتَغَيَّرَ النَّاسُ جِدًّا، وفَشَتِ البِدَعُ، وكَثُرَ الدُّعَاةُ إِلَى غيْرِ سَبِيْلِ الحَقِّ والجَمَاعَةِ، وَوَقَعَتِ المِحْنَةُ في كلِّ شَيْءٍ لَمْ يَتكلَّمْ بِهِ رَسُوْلُ الله ، ولَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ،


(١) في (هـ): "أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ والجَمَاعة" وفي (ب): "عمر والجماعة".