للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شَيْءٌ يَغْتَمُّ هَذَا الغَمُّ؟ فَقَالَ لِي: خُذْ عَلَيْكَ (١) مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ. والبَسْ نَعْلِكَ (٢)، وامْشِ علَى الشَّطِّ إِلَى أَنْ يَلْقَاكَ رِزْقُكَ فخُذْهُ واذكُرِ اللهَ. قَالَ: فَبَقِيْتُ مُفَكِّرًا في قَوْلِهِ، إِلَّا أَنَّه لم يُمْكِنِّي مُخَالَفَتُهُ، فَخَرَجْتُ أَذْكُرُ اللهَ، ولَزِمْتُ الشَّطَّ إلى أَنْ وَصَلْتُ إلى الجِسْرِ الفَوْقَانِيِّ. فَإِذَا بِرَجُلٍ يُنَادِيْنيْ: يَا عَبْدَ اللهِ فَأَجَبْتُهُ، فَدَفَعَ إِليَّ أَرْبَعِيْنَ دِرْهَمًا وَوَرقًا، فَقَالَ: انْسَخْ لِي كِتَابًا سَمَّاهُ، وأَجْلَسَنِي في سُمَارِيَّة (٣)، ورَجَعْتُ، فَلَمَّا صَعَدْتُ نَادَانِي ابنُ بَشَّارٍ: يَا عَبْد اللهِ، قلتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: أَخَذْتُ أَرْبَعِيْنَ دِرْهَمًا ومِنَ الوَرَقِ كَذَا وكَذَا، وقَالَ لَكَ: انْسخِ الكِتَابَ الفُلَانِيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: لَوْ صَبَرْتَ لجَاءَكَ إلى البَابِ.

وقَالَ أَحْمَدُ البَرْمَكِيُّ: سَمعتُهُ يَوْمًا -وقَدْ قَامَ مِنَ (٤) المَجْلِسِ الأوَّلِ إلى المَجْلِسِ الثَّانِي لأهْلِ القُلُوبِ، وقَدْ تَحَرَّكَ سِرُّهُ- فَقَالَ: قُومُوا بِنَا إلى الجَنَّةِ، ثُمَّ صَبَرَ قَلِيْلًا، ثُمَّ قَالَ: أَوْ إِلَى النَّارِ، أَوْ يَعْفُوَ اللهُ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ من أَهْلِ المَجْلِسِ: هَبْكَ أَنْتَ - رَضِيَ اللهُ عَنْكَ - مُسْتَوْجِبٌ لِذلِكَ، نَحْنُ أَيْشٍ؟ فَقَالَ: دَعُوا عَنكم هَذَا، كلُّ أَهْلِ مَذْهَبٍ يَجْمَعُ اللهُ مُحْسِنَهُم ومُسِيْئَهُم في دَارٍ وَاحِدَةٍ.


(١) في (هـ): "عندك".
(٢) في (هـ): "والبس، والبس نعلك .. ".
(٣) السُّمارية: فِرَاءٌ ونحوه يُصنع من السُّمُور، وهي دابةٌ معروفة يُصنع من صوفها وجلودها الفِرَاء يعيش في ما وراء بلاد الترك والرُّوس.
(٤) في (هـ): "إلى".