للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبيَدِي جُزْءٌ من "مَسَائِلِ صَالِح" لأقرأَهُ عَلَيْه، فَنَظَرْتُ إلى وَجْه يُضِيءُ كالقَمَرِ فَقُلْتُ في نَفْسِي: غَدًا المَجْلِسُ، واحْسِبُ أَنَّ أُسْتَاذَنَا قَدْ حَلَقَ رَأَسَهُ، وأُسْخِنَ لَه المَاءُ، فاغْتَسَلَ وتَنَظَّفَ، فلذلِكَ وَجْهُهُ قَدْ أضَاءَ، فَلمَّا أَسْرَرْتُ ذلِكَ في نَفْسِي، قَالَ: أَيْشٍ هَذَا الأدَبُ؟ وبَادَرَ فَكَشَفَ رَأْسَهُ، فَإِذَا هُوَ لَمْ يَحْلِقْ، ثُمَّ قَالَ: أَحْسِنُو الظَّنَّ، واحْفَظُوا أَسْرَارَكُمْ، فَخَجِلْتُ إِذْ كَاشَفَهُ اللهُ بأَمْرِي (١).

قَالَ: وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ لله (٢) عِبَادًا سَمَتْ هِمَهُهُمْ عَلَى هِمَممِ الخَلْقِ، فاستُطْلِعُوا عَلَى مَا في ضَمَائِرِهِمْ (٣).

قَالَ: وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: [إِنَّ الَّذِيْنَ] (٤) اتَزَرُوا مآزَرَ الحَذَرَ أَقَامُوا على نُفُوسِهِم سَوْطَ الغَضَبِ، واتَّبَعُوا الكَلَالَ، وحَثُّوا الجدَّ بالارتحَالِ، فعِنْدَ هَؤلَاءِ تُحَطُّ الرِّحَالُ، إلَّا بِقُرْبِ ذِي الجَلَالِ والإكْرَامِ.

قَالَ: وحَضَرْتُ مَجْلِسَهُ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ، وقَدْ جَاءَ رَجُلٌ صَارِخٌ


(١) المكاشفة: ادّعاء علم الغيب.
(٢) ساقط من (هـ).
(٣) هذا من ادعاء علم الغَيْبِ لا محالةَ، ولا يدعيه إلَّا أحدُ الطَّوَاغِيتِ، ونحن لا نتهم شيخنا المترجم بذلك، بل نتهم النَّاقل والرَّاوِي لمثل هذه الدَّعَاوَى المُضلِّلَة؛ حتى وصلت إلى مؤلِّف "الطبقات" ثم لا يَنْقَضِى عَجَبُنَا من حال القَاضِي أبي الحُسين الذي يَنْقُلُ مثل هذه الخُرافات التى لا يقبلها صاحب فطرة سليمة، وهو يتلو قولَ الله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ وقوله: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾.
(٤) ساقط من (هـ).