للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحَكَى لَنَا هَذَا الشَّيْخُ عَنْ أَبِي سَعْدٍ السَّقَّاء (١) - وهُو مِنْ بَابِ الأزَجَ - قَالَ: جِئْتُ يَوْمًا أَصُبُّ رَاوِيةَ مَاءٍ في حُبِّ مَقْبَرَةٍ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا خُرَاسَانِيًّا عَلَى قَبْرِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ العَزِيْزِ، يَتَرحَّمُ عَلَيْهِ ويَتَضَرَّعُ، فَصَاحَ بِي، وَقَالَ لِي: تَعَالَى يَا سَقَّاءُ، هَذَا الرَّجُلُ فِي هَذَا المَوْضِعِ، لَا يُبْنى عَلَيْهِ مَشْهَدٌ؟ هَذَا رَجُلٌ حَدِيْثُهُ عِنْدَنَا، ورَأَيْتُ النَّبِيَّ في نَوْمِي، وهو يَقُوْلُ: مَنْ زَارَ قَبْرَ عَبْدِ العَزِيْزِ غُلَامِ الخَلّاَلِ، يَعْنِي غُفِرَ لَهُ.

قَالَ: وَكَانَ -مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّصَانِيْفِ في الفُرُوْعِ والأصُوْلِ- لَهُ قَدَمٌ في تَفْسِيْرِ القُرْآنِ، ومَعْرِفَةُ مَعَانِيْهِ.

وَلَقَدْ وَجَدْتُ غنْهُ: أَنَّ رَافِضِيًّا سَألَهُ عَنْ قَوْلهِ تَعَالَى (٢): ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ لَهُ: أَبُو بَكْرِ الصِّدِّيْقِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: بَلْ هُوَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، فَهَمَّ به الأصْحَابُ، فَقَالَ: دَعُوْهُ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَأ مَا بَعْدَهَا: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا﴾ (٣) وهَذا يَقْتَضِي أَن يكونَ هَذَا


(١) أبو سعيد السَّقاء هذا لا أعرفه، ويظهر أنَّه من عَوَامِّ أهل بابِ الأزج، ومثل هذه الخرافات والسَّخافات تجري على ألسنة العَوَامِّ، وما كان ينبغي لأهل العلم نقلها، وتصديقها، ولا يخفى أنَّ البنايةَ على القُبُورِ من البِدَعِ الظَّاهِرَةِ الَّتي أدت إلى عبادة أهلها، وطلب المَدَ منهم، وشاعت وذاعت في كثير من بلاد الإسلام، وكانت سببًا في البعدِ عن الدِّين القويمِ والصِّراطِ المُستقيمِ، ولا حَوْلَ ولا قوةَ إلَّا بالله العليِّ العظيم.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٣٢.
(٣) سورة الزمر، الآيتان: ٣٤، ٣٥.