للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَلَمَّا رَأَى مَا عَلَيْهِ في هَذَا مِنَ الشَّنَاعَةِ قَالَ: فَلَعَلِّي أُخَالِفُ ابنَ كُلَّابِ (١) القَطَّانَ في هَذِهِ المَسْأَلَةَ مِنْ سَائِرِ مَذْهَبِهِ.

ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: ومَنْ خَالَفَ الأخْبَارَ التي نَقَلَهَا العَدْلُ عَنِ العَدْلِ مَوْصُوْلَةً، بِلا قَطْعٍ في سَنَدِهَا، وَلا جَرْحٍ في نَاقِلِيْهَا، وتَجَرَّأَ على رَدِّهَا فَقَدْ تَهَجَّمَ عَلَى رَدِّ الإسلامِ؛ لأنَّ الإسلامَ وأَحْكَامَهُ مَنْقُوْلَةٌ إِلَيْنَا بِمِثْلِ مَا ذَكَرْتُ فَقَالَ لِي: الأخْبَارُ لا تُوْجِبُ عِنْدِي عِلْمًا.

فَقُلْتُ لَهُ: يَلْزَمُك عَلَى قَوْدِ مَقَالَتِكَ: أَنَّكَ لَوْ سَمِعْتَ أَبَا بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ، وعَلِيًّا، وطَلْحَةَ، والزُّبَيْرَ، وسَعْدًا، وسَعِيْدًا، وعبد الرَّحمنِ بنَ عَوْفٍ، وأَبَا عُبَيْدَةَ (٢)، يَقُوْلُوْنَ: سَمِعْنَا رَسُوْلَ الله يقولُ كذَا وكَذَا أَنّكَ لا تَعْلَمُ أَنَّ النَّبيَّ قَالَ مِنْ ذلِكَ شَيْئًا، لِقَوْلهِمْ: "سَمِعْنَا"، فَلَمْ يُنْكِرْ مِنْ ذلِكَ شَيْئًا، غَيْرَ الشَّنَاعَةِ.

ثُمَّ قَالَ لِي: أَخْبَارُ الآحَادِ في الصِّفَاتِ: اغْسِلْهَا، وهِيَ عِنْدِي والتُّرابُ سَوَاءٌ، ولا أَقُوْلُ مِنْهَا إلَّا بِمَا قَامَ في العَقْلِ تَصْدِيْقُهُ. قُلْتُ لَهُ: فَلِمَ أَتْعَبْتَ نَفْسَكَ في كَتْبِهَا، وسَعَيْتَ إلى الشُّيُوخِ فِيْهَا، وأَنْصَبْتَ نَفْسَكَ وأَتْعَبْتَهَا، وأَسْهَرْتَ لَيْلَكَ بِمَا لا تَدِيْنُ الله ﷿ بِهِ، ولا تَزْدَادُ عِلْمًا؟ فَأَجَابَنِي بأَنْ قَالَ: كَتَبْتُهُ حَتَّى أُتَمِّمَ بِهِ الأبْوَابَ، إِذَا أَرَدْتُ تَخْرِيْجَهَا.


(١) في (ط): "الكُلاب". وابن كلاب عبد الله بن سعيد البصري القطان، رأس المتكلمين. سير أعلام النبلاء (١١/ ١٧٤)، ولسان الميزان (٢/ ٢٩٠).
(٢) في (ط) وأصلها (أ): "وأبا عبيدة بن الجراح".