للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَحسِنُوا الأدَبَ، فيَحْتَشِمُ النَّاسُ ذلِكَ ويَنْكَفُّوا.

قَالَ: وسَمِعْتُ أَبَا عَلِيِّ بنَ شِهَابٍ يَقُوْلُ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وقَدْ حَضَرَهُ مُؤدِّبِي أَبُو إِسْحَق الضَّرِيْرَ، فَقَالَ لَهُ: لَوْ اشتَغَلْتَ بِشيءٍ مِنَ العَرَبِيَّةِ - أَوْ كَلامًا هَذَا مَعْنَاهُ - فَقَالَ: هَذَا "مُسْنَدُ أَحْمَدَ" يأخذُ أَحَدُكُمْ أيَّ جُزْءٍ شَاءَ ويَقْرَأُ عَليَّ الإسْنَادَ لأذْكُرَ المَتْنَ، أَوْ المَتْنَ لأذْكُرَ الإسْنَادَ، فاحتَشَمْنَاهُ أَنْ نَقولَ لَهُ ذلِكَ أَوْ كَمَا قَالِ.

قَالَ أَخِي أَبُو القَاسِمِ (١): وذُكِرَ أَنَّ عَبْدِ اللهِ بنَ بَطَّةَ كَانَ يَسْرِدُ الصَّوْمَ، وكانَ بِعَيْنهِ نَاصُوْرٌ، وقَدْ وُصِفَ لَهُ تَرْكُ العَشَاءِ، فَكَانَ يَجْعَلُ عَشَاءَهُ قَبْلَ الفَجْرِ بيَسِيْرٍ، ولا ينَامُ حَتَّى يُصْبِحَ، وكَانَ عَالِمًا بِمَنَازِلِ الفَجْرِ والقَمَرِ. قُلْتُ أَنَا: وحَكَى لِيَ أَبُو الفَتْحِ العُكْبَرِيُّ (٢)، قَالَ: وَجَدْتُ بخطِّ أَبي قَالَ: اجتَازَ الشَّيْخُ أبُو عَبْدِ اللهِ بن بَطَّةَ بالأحْنَفِ العُكْبَرِيِّ، فَقَامَ لَهُ، فشَقَّ ذلِكَ عَلَيْهِ: فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ (٣):

لا تَلُمْنِيْ عَلَى القِيَامِ فَحَقِّيْ … حِيْنَ تَبْدُو أَنْ لا أَمَلَّ القِيَامَا

أَنْتَ مِنْ أَكْرَمِ البَرِيَّةِ عِنْدِيْ … ومِنَ الحَقِّ أَنْ أَجِلَّ الكِرَامَا

فقالَ ابنُ بَطَّةَ لابن شِهَابٍ: تَكَلِّفْ لَهُ جَوَابَ هَذِهِ، فَقَالَ:


(١) في (ط) فقط: "".
(٢) اسمه عقيل بن محمد العُكْبَرِيُّ (ت ٣٨٥ هـ) يرجع إلى بني ساسان، وهو شاعر المكدين ببغداد له ديوان شعرَ سأتحدث عنه في ترجمة ابن شهاب الآتية إن شاء الله. أخباره في: المنتظم (٧/ ١٨٥)، ويتيمة الدهر (٢/ ٢٨٥).
(٣) لم يردا في ديوان الأحنف المخطوط.