للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطَّائَعُ أَن أُوَجِّهُ إِلَى ابن سَمْعُوْنَ فَأُحْضِرَهُ إِلَى دَارِ الخِلافَةِ، ورَأَيْتُ الطَّائَعِ عَلَى صِفَةٍ مِنَ الغَضَبِ. وَكَانَ يُتَّقَى فِي تِلْكَ الحَالِ؛ لأنَّه كَانَ ذَا حِدَّةٍ. فَبَعَثْتُ إلى ابن سَمْعُوْنَ، وأَنَا مَشْغُوْلُ القَلْبِ لأجْلِهِ، فَلَمَّا حَضَرَ أَعْلَمْتُ الطَّائِعَ حُضُوْرَهُ، فَجَلَسَ مَجْلِسَهُ، وأَذِنَ لَهُ في الدُّخُوْلِ، فَدَخَلَ، وسَلَّمَ عَلَيْهِ بالخِلافَةِ، ثُمَّ أَخَذَ في وَعْظِهِ، فَأوَّلُ مَا بَدَأَ بِهِ أَنْ قَالَ: رُوِيَ عَنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ - وَذَكَرَ عَنْهُ خَبَرًا - وَلَمْ يَزَلْ يَجْرِي في مَيْدَانِ الوَعْظِ حَتَّى بَكَى الطَّائِعُ للهِ، وسُمَعَ شَهْيْقُهُ، وابتَلَّ مِنْدِيْلٌ بينَ يَدَيْهِ بِدُمُوْعِهِ، فَأَمْسَكَ ابنُ سَمْعُوْنَ حِيْنَئِذٍ، ودَفَعَ إِليَّ الطَّائِعُ دَرْجًا فِيْهِ طِيْبٌ وغَيْرِهِ. فَدَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، وانْصَرَفَ وَعُدْتُ إِلَى حَضْرَةِ الطَّائِعِ، فقُلْتُ: يَا مَوْلايَ، رَأَيْتُكَ عَلَى صِفَةٍ مِنْ شِدَّةِ الغَضَبِ عَلَى ابن سَمْعُوْنَ، ثُمَّ انْتَقَلْتَ إِلَى تِلْكَ الصِّفَةِ عِنْدَ حُضُوْرِهِ، فَمَا السَّبَبُ؟ فَقَالَ: رُفِعَ إِلِيَّ عَنْهُ أَنَّه يَنْتَقِصُ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَيَقَّنُ ذلِكَ، لأُقَابِلَهُ عَلَيْهِ إِنْ صَحَّ ذلِكَ عنْهُ (١)، فَلَمَّا حَضَرَ بَيْنَ يَدَيَّ افتَتَحَ كَلامَهُ بِذِكْرِ عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ والصَّلاةِ عَلَيْهِ، وأَعَادَ وأَبْدَى في ذلِكَ، وَقَدْ كَانَ لَهُ مَنْدُوْحَةٌ في الرِّوَايَةِ عَنْ غَيْرِهِ، وتَرَكُ الابْتِدَاءِ بِهِ، فَعَلِمْتُ أنَّه وُفِّقِ لِمَا تَزُوْلُ بِهِ عَنْهُ الظِّنَّةُ وتَبْرَأُ سَاحَتُهُ،


= قبض عليه بهاء الدَّولة بن بويه وسجنه سنة (٣٨١ هـ) وبقي في السِّجن حتى وفاته في السنة المذكورة. أخباره في تاريخ بغداد (١١/ ٧٩)، والكامل في التاريخ (٨/ ٢١٠)، والنِّبراس (١٢٤).
(١) في (هـ): "منه".