للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رِضْوَانُ اللهُ عَلَيْهِمَا. وقَدْ نَاظَرَ أَبَا حَامِدٍ الأسْفَرائِيْنِيَّ في وُجُوْبِ الصِّيَامِ لَيْلَةَ الغَمِامِ في دَارِ الإمَامِ القَادِرِ بالله (١)، بحَيْثُ يَسْمَعُ الخَلِيْفَةُ الكَلامَ، فَخَرَجَتْ الجَائِزَةُ السَّنِيَّةُ لَهُ مِنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فَرَدَّهَا مَعَ حَاجَتِهِ إِلَى بَعْضِهَا، فَضْلًا عَنْ جَمِيْعَهِا تَعَفُّفًا وتَنَزُّهًا.

وبَلَغَنِي أَنَّه كَانَ يَبْتَدِئُ مَجْلِسَهُ بإِقْرَاءِ القُرْآنِ، ثُمَّ بالتَّدْرِيْسِ، ثُمَّ يَنْسَخُ بِيَدِهِ ويَقْتَاتُ مِنْ أُجْرَتِهِ، فَسُمِّيَ ابنَ حَامِدٍ الوَرَّاقُ (٢).

وبَلَغَنِي: أَنَّه كَانَ في كَثيْرٍ مِنْ أَوْقَاتِهِ إِذَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ البَاقِلَّا لَمْ يَأكُلْ مَعَهُ دُهْنًا، وإِذَا كَانَ دُهْنٌ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُ وبَيْنَ البَاقِلَّاء (٣).

وكَانَ كَثيْرَ الحَجِّ، فَعُوْتِبَ في كَثرةِ سَفَرِهِ وحَجِّهِ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ فَقَالَ: لَعَلَّ الدَّرْهَمَ الزَّيْفَ يَخْرُجُ مَعَ الدَّرَاهِمَ الجَيِّدَةِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الخَيَّاطِ: سَألتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ حَامِدٍ، إِمَامَ الحَنْبَلِيَّةِ في وَقْتِهِ عِنْدَ خُرُوْجِهِ إِلَى الحَجِّ في سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وأَرْبَعِمَائَةَ فَقُلْتُ: عَلَى مَنْ


(١) هو أحمد بن إسحق بن المقتدر العبَّاسي، مولده سنة (٣٣٦ هـ) وولي الخلافة سنة (٣٨١ هـ) ودامت له الخلافة ٤١ عامًا. كان حَازِمًا، مُطاعًا، حليمًا، كريمًا، صاحب علم ودين من علماء الخُلفاء، صنَّف كتابًا في الأصول، وكان صاحب سنة يكفِّر المعتزلة القائلين بخلق القرآن توفي ببغداد سنة (٤٢٢ هـ). أخباره في: تاريخ بغداد (٤/ ٣٧)، والكامل في التاريخ (٩/ ٢٨، ١٤٣) والنِّبراس لابن دحية (١٢٧).
(٢) تاريخ الإسلام للحافظ الذَّهبي.
(٣) قال الله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، وقال: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف: ٣١].