للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البَغْدَادِيِّ" الزَّاهِدُ الوَرعُ.

سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ إِسْحَقَ البَغَوِيَّ، وطَبَقَتَهُ. سَمِعَ مِنْهُ الوَالِدُ السَّعِيْدُ، وخَرَّجَ عَنْهُ في مُصَنَّفَاتِهِ، وذَكَرَهُ الخَطِيْبُ، فَقَالَ: كانَ صَدُوْقًا، دَيِّنًا عَابِدًا، زَاهِدًا وَرِعًا، قَالَ: وسَمِعْتُ بَعْضَ الشُّيُوْخِ الصَّالِحِيْنَ يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البَغْدَادِيِّ لا يَزَالُ يَخْرُجُ إلَيْنَا (١) وَقَدِ انْشَقَّ رَأْسُهُ، وانْتَفَخَتْ جَبْهَتُهُ، فَقِيْلَ لَهُ: وكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: كَانَ لا يَنَامُ إلَّا عَنْ غَلَبَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَخْلُو أَنْ يَكْوْنَ بينَ يَدَيْهِ مَحْبَرَةٌ (٢) أَوْ قِدْحٌ أَو شَيْءٌ مِنَ الأشْيَاءِ مَوْضُوْعًا، فَإِذَا غَلَبَهُ النَّوْمُ سَقَطَ عَلَى مَا يَكُوْنُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُؤَثِّرُ في وَجْهِهِ أثرًا.

قَالَ: وَكَانَ لا يَدْخُلُ الحَمَّامَ، ولا يَحْلِقُ رَأْسَهُ، لكِنْ يَقُصُّ شَعْرَهُ إِذَا طَالَ بالجَلَمِ، وكَانَ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ بالمَاءِ حَسْبُ، مِنْ غَيْرِ صَابُوْنٍ، وكَانَ يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيْرِ، فَقِيْلَ لَهُ في ذلِكَ؟ فَقَالَ: الشَّعِيْرُ والحُنْطَةُ عِنْدِي سَوَاءٌ.

قَالَ: وحَدَّثَنِي أَبُو مَحَمَّدٍ الخَلَّالُ، قَالَ: مَاتَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بن جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وأَرْبَعِمَائَةَ، ودُفِنَ في مَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ.

أَنْبَأَنَا الوَالِدُ السَّعِيْدُ قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنِ بن أَحْمَدَ بن جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ - وأَنَا أَسْمَعُ، في سَنَةِ ثَلاثٍ وأَرْبَعِمَائَة - قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بن جَعْفَرٍ - وأَنَا حَاضِرٌ عِنْدَهُ، حَدَّثَكُم عبدُ الله - هو ابنُ أَحْمَدَ،


(١) في (ط): "علينا".
(٢) في تاريخ الإسلام: "على المحبرة أو على المجمَّرة".