للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأَلْقَى بِرُكْنِهِ (١) وأَرْسَتْ أَوْتَادَهُ، ودَخَلَ النَّاسُ فيه أَفْوَاجًا، ومِنْ كلِّ فِرْقَةٍ أَشْتَاتًا وأَرْسَالًا، اختَارَ اللهُ ﷿ لِنَبِيِّه ما عِنْدَهُ، فَلَمَّا قَبَضَ اللهُ نَبِيَّهُ نَصَبَ الشَّيْطَانُ رُوَاقَهُ، ومَدَّ طُنُبَهُ، ونَصَبَ حَبَائِلَهُ، وأَجْلَبَ بِخَيْلِهِ ورَجِلِهِ، فَظَنَّتْ رِجَالٌ بأَنْ قَدْ تَحَقَّقَتْ أَطْمَاعُهُمْ - ولاتَ حِيْنَ الَّذِي يَرْجُوْنَ - وأَنَّى والصِّدِّيْقُ بينَ أَظْهُرِهِمْ؟ فَقَامَ حَاسِرًا مُشَمِّرًا، فَجَمَعَ حَاشِيَتَهُ وَرَفَعَ قُطْرَيْهِ (٢)، فَرَدَّ نَشْرَ الإسْلامِ عَلَى غِرَّة (٣)، ولَمَّ شَعْثَهُ بِطَيِّهِ، وأَقَامَ أَؤدَهِ بِثَقَافِهِ (٤)، فامْذَقَرَّ النِّفَاقُ (٥) بِوَطْأَتِهِ، وانتَاشَ (٦) الدِّيْنُ فَنَعَشَهُ، فَلَمَّا أرَاحَ الحَقّ على أَهْلِهِ، وقَرَّرَ الرُّءُوْسَ عَلَى كَوَاهِلِهَا (٧)، وحَقَنَ الدِّمَاءَ في أُهُبِهَا (٨)، أَتَتْهُ مَنِيَّتَهُ، فَسَدَّ ثَلْمَتَهُ بِنَظِيْرِهِ في المَرْحَمَةِ، وشَقِيْقِهِ في السِّيْرَةِ


(١) في (ط): "بركبتيه" والجملة غير موجودة في شرح ابن الأنباري.
(٢) في شرح ابن الأنباري: "فَرَفَعَ حَاشِيَتَهُ وجَمَعَ قُطْرَيْهِ" وقوله: "وجمع قربه" ساقط من (ب) والقطر: النَّاحية.
(٣) في (ط): "غِرتِه" والغَرَّة الكسر الأول، من قولهم: "طَوَيْتُ الثوبَ على غَرَّته".
(٤) الأود: الاعوجاجُ. والثِّقَاقُ: تَقْوِيْمُ الرِّمَاحِ.
(٥) امذقَرَّ: تَفَرَّقَ، قال ابنُ الأنباريِّ: "وفي رواية غير إسماعيل القَاضي: ابذَعَرَّ النِّفَاقُ" يُقَالُ: ابْذَعَرَّ الشَّيْءُ وابْذَقَرَّ وامْذَقَرَّ، أي: تَفَرَّقَ.
(٦) زَالَ عنه ما يخافُ عليه. ونَعَشَهُ؛ أي: رفعه. وي (ط) مكانها: "بثقافه " ولا معنى لها هُنا.
(٧) الكاهِلُ: أعلَى الظَّهرِ وما يتَّصِلُ به، ومعناه: أثبت الرُّؤُوسَ على كَوَاهِلِهَا، أي: وقى المُسلمين القَتْلَ.
(٨) جَمْعُ إِهَابٍ، وهو الجِلْدُ كَنَّتْ بِهِ عن الحَسَدِ.