للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحَلْقُ (١) والتَّسْبِيْتُ" قَالَ جَعْفَرٌ: قُلْتُ لأَحْمَدَ: ما التَّسْبِيْتُ؟ قَالَ: الحَلْقُ الشَّدِيْدُ، يُشْبِهُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةِ (٢). وقَالَ جَعْفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وقيلَ لَهُ: إِنَّ حُسَيْنًا الكَرَابِيْسِيَّ يَتَكَلَّمُ في أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ؟ قَالَ: وَمَنْ حُسَيْن الكَرَابِيْسِيُّ؟ لَعَنَهُ اللهُ، إِنَّمَا يَتَكَلَّمُ في النَّاسِ أَشْكَالُهُمْ، يَنْطَلُ (٣)


(١) في (ط): "التَّحليق" مخالفٌ للأصول كلِّها. وهي روايةٌ في الحديث.
(٢) وفي حديث آخر في صفة الخوارج: "التَّسبيدُ فيهم فاشٍ" والتَّسْبِيْدُ: التَّحْلِيْقُ، فهما معنىً.
والنِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ: هي النِّعال التي لا شَعْرَ لها، وفي الحديث أيضًا: عن ابنِ عُمر أَنَّه قَالَ: "رأَيْتُ رَسُوْلَ الله يَلْبَسُ النِّعالَ السِّبتيَّة ويَتَوَضَّأُ فيها" واختلفَ العُلماءُ في معنى السِّبْتِيَّهِ فقالوا: المتخذة من الجلود المدبوغة بأيِّ دباغةٍ كان، وقيل: المدبوغة بالقرظ خاصَّةَ. وقيل: ما كان منها من جُلُودِ البَقَرِ خاصَّةً. وقالوا: لا يُقال له سِبْتُ حتى يكون حذاءً؛ فلذلك يقال: نَعْلٌ سِبْتٌ، ونِعَالٌ سِبْتٌ، وأحسن ما جاء فيه ما نُقل عن ابن وَهْبٍ فإِنَّهُ قَالَ: "هي السُّيُوْرُ الَّتي لا شَعْرَ عليها، أيّ لونٌ كانت، ومن أي جلدٍ كانت، وبأيِّ دباغٍ دُبغَت" وهو ظاهرُ كلامِ ابنِ عُمَرَ … وهو مأخوذٌ من السَّبتِ وهو الحَلْقُ، سَبَتَ: حَلَقَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ في "غريب الحديث" (٢/ ١٥٢): "وإِنَّمَا ذكرت السِّبتية؛ لأنَّ أكثرَهُم في الجاهلية كان يلبسها غيرَ مَدبُوغَةٍ إلاَّ أهل السَّعةِ منهم والشَّرفِ؛ لأنَّهم كانوا لا يُحسنون، ولا يلبسها إلاَّ أهل الجِدَةِ منهم كانوا يشترونها من اليمن والطائف … " ويَشهدُ لذلك قولُ عَنْتَرَةَ [ديوانه: ٢١٢]
بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيَابَهُ فِيْ سَرْحَةٍ … يَحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ لَيْسَ بِتَوْأَمِ
يُراجع: غريب الحديث لأبي عُبَيْدٍ (٢/ ١٥٢)، وغريب الحديث لابن قتيبة (٢/ ٣٨٠)، والنهاية (٢/ ٣٣٠). وما ذكرتُهُ هُنَا ملخصٌ من الهامش الَّذي كتبتُه على شرح هذا الحديث في "تفسير غريب الموطَّأ" لعبد الملك بن حَبِيْبٍ السُّلمي (١/ ٣١٩ - ٣٢٠) نفع الله به. فليُراجع من شاء الله ذلك هُنَاك.
(٣) في (ط): "يبطل" في الموضعين.