للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، يَنْزِلُ القَطِيْعَةَ (١)، وبَلَغَنِي أَنَّه كَتَبَ عن أَبِي عبدِ الله نَحْوًا من عِشْرِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، وكانَ رَجُلًا جَلِيْلَ القَدْرِ جِدًّا، وعندَهُ عن أَبي عَبدِ الله جُزآن "مَسَائِلُ" مُشْبَعَةٌ حِسَانٌ جِدًّا، يُغْرِبُ فيها على أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ الله، فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي بِهَا، وَقَالَ: أَنَا لَا أُحَدِّثُ بِهَذِهِ "المَسَائِلِ" وأَبُو بَكْرٍ المَرُّوذِيُّ حَيٌّ، وكان يُكْرِمُ أَبَا بَكْرٍ المَرُّوْذِيُّ، وكَانَ بَيْنِي وبَيْنَهُ كَلَامٌ كَثِيْرٌ، ومَضَيْتُ مِنْ عِنْدِهِ على أَنْ أَسْأَلَ أَبَا بَكْرٍ المَرُّوْذِيَّ، يَسْأَلَهُ أَنْ يَقْرَأَهَا عليَّ، فشُغِلْتُ، فتُوُفِيَ ولم أَسْمَعْها، فوجَدْتُّهَا بعدَ ذلِكَ عند مُحَمَّدِ بنِ هَارُونَ الوَرَّاق (٢) فَسَمِعْتُهَا، وهو رَجُلٌ مَا شِئْتَ، يَا لَكَ من رَجُلٍ، جَلِيْلُ القَدْرِ، كَثِيْرُ العِلْمِ، مُقَدَّمٌ عَنْدَهُم في القَطِيْعَةِ.

قَالَ حُبَيْشُ بنُ سِنْدِيِّ: قيلَ لأَبِي عَبدِ اللهِ: هَؤلَاءِ الَّذِيْنَ امتُحِنُوا نَكْتُبِ عَنْهُمْ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَرْويْ عن أَحَدٍ مِنْهُم، قيلَ لَهُ: إِنَّه قَدْ حُكِيَ عَنْكَ أَنَّك تَأْمُرُ بالكِتَابِ عَنِ القَوَارِيْرِيِّ (٣)؟ فأَنْكَرَ ذلِكَ وقالَ: أَنَا أَقُوْلُ: لا أَرْوِي عن أَحَدٍ مِنْهُمْ، فآمرُ بالكِتَابِ عَنْهُمْ؟!

وقَالَ حُبَيْشٌ أيضًا: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عَنْ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ (٤)؟ فَقَالَ: نَعَمْ أكْرَهُهَا أَشَدَّ الكَرَاهِيَةِ، قيلَ لَهُ: مَا تَكْرَهُ مِنْهَا؟ قَالَ: هِيَ قِرَاءَةٌ مُحْدَثَةٌ،


(١) ومن ثَمَّ نَسَبَهُ الحافظُ الخَطِيْبُ بـ"القَطِيْعِيِّ". والقَطَائِعُ قربُ بَغْداد كثيرة، منها قَطيعة العَجَم، وقَطِيْعَةُ الرَّقيق … وغيرهما. يُراجع: معجم البلدان (٣/ ٤٢٧).
(٢) لم أقف عليه، وكان جديرًا بأن يُذكر هُنَا.
(٣) سبق ذكره.
(٤) سبق مثل ذلك.