للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البَزَّارِ، وقد خَرَجَ من عِنْدِهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وزهُيْرُ بنُ حَرْبٍ، أَبُو خَيْثَمَةَ، ويَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَقَالَ لي: مَنْ رَأَيته خَرَجَ (١) مِنْ عِنْدِيْ؟ قُلْتُ: فُلَانٌ وفُلانٌ وفُلانٌ. فَقَالَ: إِنَّه كانَ قُدَّامِي قِنِّيْنَةٌ فيها نَبِيْذٌ. فلَمَّا رَأَتْهُمُ الجَارِيَةُ جَاءَتْ تَشِيْلُهَا، فقُلْتُ: لِمَ هَذَا؟ فَقَالَتْ: يا مَوْلَايَ جَاءَ هَؤُلَاءِ الصَّالِحُونَ، فيَرَوْنَ هَذَا عِنْدَكَ؟ فَقُلْتُ: أَضِيْفِي إِليها أُخْرَى، يَرَى اللهُ ﷿ شَيْئًا، فَأُكْتُمَهُ عَنِ النَّاسِ؟ وأَرَدْتُ أَنْ أَنْظُرُ إِلى عَقْلِ هذَا الفَتَى -يَعنْي أَحْمَدَ- فَحَوَّلَ ظَهْرَهُ إِلَيْهَا، وأَقْبَلَ عَليَّ يَسْألَنُي عمَّا يُرِيْدُهُ؟ فَقُلْتُ لَه -لَمَّا أَرَادَ الانْصِرَافَ مِنْ بينَ القَوْمٍ كُلِّهِمْ-: أَيُّ شَيْءٍ تَقُوْلُ في هَذَا يا أَبَا عَبْدِ الله؟ فَقَالَ: لَيْسَ ذَاكَ إِليَّ، ذاكَ إِلَيْكَ، فَقُلْتُ: كَيْفَ؟ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : "كُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُوْلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" (٢) والرَّجُلُ رَاعٍ في مَنْزِلِهِ ومَسْئُولٌ عَمَّا فِيْهِ، وليسَ للخَارِجِ أَنْ يُغَيِّرَ على الدَّاخِلِ شَيْئًا، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ سَكَبْتُ خَابَيَتَيْنِ، وعَاهَدْتُ الله: على أَن لا أَذُوقَهُ حَتَّى أُعْرَضَ عَلَى اللهِ ﷿.

رَوَى عَنْهُ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وإِبْراهيمُ الحَرْبِيُّ، وعبدُ الله بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وغَيْرُهُمْ. وقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ: خَلَفُ بن هِشَامٍ كَانَ مِنْ أَصحَابِ السُّنَّةِ، لَوْلَا بَلِيَّةٌ فيه، شُرْبُ النَّبِيْذِ (٣).


(١) ساقط من (ب).
(٢) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (٢/ ٣١٧، ٣/ ١٠٠)، ومسلم في صحيحه (١٨٢٩)
(٣) كان تِلميذُهُ عبَّاسٌ الدُّوريُّ مِمَّن يَشْرَبُ النَّبِيْذَ مُتَأَوِّلًا. وذكر الحافظ السَّمعاني في الأنساب (٥/ ٣٦٠)، حكاية غريبةً كانت -بعد توفيق الله- سَبَبًا في تركه النَّبيذ، قال أبو سعد: "وكان يَشْرَبُ النَّبِيْذَ متأولًا إلى أن تَرَكَهُ، حُكِيَ لِي أنَّه قَالَ: جَاءَني غُلَام نِصْفَ النَّهارِ وبين يديه نَبِيْذٌ=