للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المُعْتَصِمُ: احبِسُوْهُ، فَحُبِسَ وتَفَرَّقَ النَّاسُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَصَدْتُ البَابَ، فَأُدْخِلَ النَّاسُ، فَدَخَلْتُ مَعَهُمْ، فأَقْبَلَ المُعْتَصِمُ وجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، فَقَالَ: هَاتُوا أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَجِيْئَ بِهِ، فَلَمَّا أَنْ وَقَفَ بينَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُ المُعْتَصِمُ: كَيْفَ كُنْتَ يا أَحْمَدُ في مَحْبَسِكَ البَارِحَةَ؟ فَقَالَ: بِخَيْرٍ، والحَمْدُ للهِ، إلَّا أَنِّي رَأَيْتُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ في مَحْبَسِكَ أَمرًا عَجَبًا، قَالَ لَهُ: ومَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: قُمْتُ في نِصْفِ اللَّيْلِ فَتَوضَّأْتُ لِلصَّلَاةِ، وصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، فَقَرَأْتُ في رَكْعَةٍ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)﴾ وفي الثَّانِيَةِ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)﴾ ثُمَّ جَلَسْتُ وتَشَهَّدْتُ وسَلَّمْتُ، ثُمْ قُمْتُ فَكَبَّرْتُ وقَرَأْتُ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ وأَرَدْتُ أَنْ أَقْرَأ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ فَلَمْ أَقْدِرْ، ثُمَّ اجْتَهَدْتُ أَنْ أَقْرَأَ غَيْرَ ذلِكَ مِنَ القُرآنِ فَلَمْ أَقْدِرْ، فَمَدَدْتُ عَيْنَيَّ في زَاوِيَةِ السِّجْنِ، فَإِذَا القُرْآن مُسَجَّى مَيْتًا، فَغَسَّلْتُهُ وكَفَّنْتُهُ، وصَلَّيْتُ عَلَيْهِ، ودَفَنْتُهُ، فَقَالَ لَهُ: وَيْلَكَ يَا أَحْمَدُ، والقُرْآنُ يَمْوْتُ؟! فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: فَأَنْتَ كَذَا تَقُوْلُ: إِنَّه مَخْلُوْق، وَكُلُّ مَخْلُوْقٍ يَمُوْتُ، قَالَ المُعْتَصِمُ: قَهَرَنَا أَحْمَدُ، قَهَرَنا أَحْمَدُ، فَقَالَ ابنُ أَبِي دُؤَادٍ وبِشْرٌ المَرِيْسِيُّ: اقْتُلْهُ حَتَّى نَسْتَرِيْحَ مِنْه، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَاهَدْتُ الله أَنْ لَا أَقْتُلَهُ بسَيْفٍ، ولا آمرَ بقَتْلِهِ بسَيْفٍ، فَقَالَ لَهُ ابنُ أَبِي دُؤَادٍ: اضْرِبْهُ بالسِّيَاطِ، فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ: أَحْضِرُوا الجَلَّادِيْنَ، فأُحْضِرُوا، فَقَال المُعْتَصِمُ لِوَاحِدٍ منهم: بِكَمْ سَوْطٍ تَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ: بعَشَرَةٍ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَقَالَ: خُذْهُ إِلَيْكَ، قَالَ سُلَيْمَانُ السِّجْزِيُّ: فأُخْرِجَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ من