للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ الوَالِدُ السَّعِيْدُ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الأرْوَاحَ تُعَذَّبُ وتَنْعَمُ عَلَى الانْفِرَادِ، وكَذلِكَ الأبْدَانُ إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، أَوْ إِلَى الأجْزَاءِ الَّتِي استَحَالَتْ، ولَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ في الأبْدَانِ إِدْرَاكًا تُحِسُّ بِهِ النَّعِيْمَ والعَذَابَ، كَمَا خَلَقَ في الجَبَلِ لَمَّا تَجَلَّى لَهُ رُؤْيَةً، حَتَّى رَأَى رَبَّهُ، ثُمَّ دَكَّهُ بعدَ الرُّؤْيَةِ، وجَعَلَهُ قِطَعًا، عَلَامَة لِمُوْسَى في أَنَّهُ لَا يَرَاهُ فِي الدُّنْيَا.

قُلْتُ أَنَا: ولأنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَحِلْ نُطْقُ الذِّرَاعِ المَشْوِيَّةِ لَمْ يَسْتَحِلْ عَذَابُ الجَسَدِ البَالِي، وإِيْصَالُ الألَمِ إِلَيْهِ بِقُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى.

أَنْبَاَنا القاضِي عُبَيْدُ اللهِ بن أِبي أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بَكْرَانُ بنُ أَحْمَدَ الخَصِيْبُ، قَالَ: سَمِعْتُ عبدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ -وَهُوَ يُحَدِّثُ أَبَا بَكْرٍ عبدَ اللهِ بنَ يُوْسُفَ أَخَا القَاضِي أَبِي عُمَرَ بزُبَالَة (١)، وَقَدْ بِتْنَا بهَا لَيْلَةً فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ- قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمْتُ صَنْعَاءَ اليَمَنِ -أنا ويَحْيَى ابنُ مَعِيْنٍ- فِي وَقْتِ صَلَاةِ العَصْرِ، فَسَأَلْنَا عَنْ مَنْزِلِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ؟ (٢)


(١) "زُبَالةُ: -بضم أوَّلِهِ- منزلٌ معروف بطريق مكة من الكوفة، وهي قرية عامرة بها أسواق بين وَاقِصَةَ والثَّعْلَبِيِّةِ .. و"يَوْمُ زُبَالَة" من أيَّام العَرَبِ" مُعجم البُلدان (٣/ ١٤٥)، وأنشد هو والحافظُ السَّمعاني في "الأنساب" (٦/ ٢٣٨):
أَلَا هَلْ إِلَى نَجْدٍ وَمَاءِ بِقَاعِهَا … سَبِيْلٌ وأَرْوَاع بِهَا عَطِرَاتِ
وَهَلْ لِي إلى تِلْكَ المَنَازِلِ عَوْدَةٌ … عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الحَالِ قَبْلَ مَمَاتِيَ
فَأَشْرَبُ مِنْ مَاءِ الزُّلَالِ وارْتَوِيْ … وأَرْعَى مَعَ الغِزْلَانِ في الفَلَوَاتِ
وأُلْصِقُ أَحْشَائِي بِرَمْلِ زُبَالَةٍ … وأَنَسُ بالظّلْمَانِ والظَّبَيَاتِ
(٢) في (ط): "عبد الرازق".